عانت روسيا عزلة غير مسبوقة في الأممالمتحدة، الجمعة، إثر تصويت تاريخي لصالح تحقيق دولي امتنع حتى حلفاء مقربون من موسكو مثل فنزويلا وكوبا عن معارضته. إلى جانب روسيا، كانت إريتريا هي الدولة الوحيدة التي صوتت ضد القرار الذي طرحته كييف على طاولة مجلس حقوق الإنسان في جنيف. وقالت السفيرة الأوكرانية يفينييا فيليبينكو للصحافيين، وهي محاطة بالعديد من الدبلوماسيين، "اليوم تبنى مجلس حقوق الإنسان قرارا تاريخيا... كانت الرسالة إلى بوتين واضحة: أنت معزول دوليا والعالم كله ضدك". وصوّت 32 من أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 لإجراء تحقيق على أعلى مستوى ممكن في محاولة لتحميل الجناة المسؤولية. وصوّتت كلّ من روسيا وإريتريا فقط ضدّ القرار، بينما امتنعت 13 دولة عن التصويت، بما فيها الدول الداعمة تقليديًا لموسكو، أي الصينوفنزويلا وكوبا. وجاءت الصفعة لروسيا بعد أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت سابق من الأسبوع، وبأغلبية ساحقة، قرارًا يطالب روسيا ب"التوقف الفوري عن استخدام القوة ضد أوكرانيا"، وهو تصويت وصف بأنه "تاريخي". وحظي القرار في مجلس حقوق الإنسان بدعم الغربيين وكذلك العديد من العواصم الأخرى حول العالم، التي نددت بعدم احترام روسيا السيادة الإقليمية لأوكرانيا، والعنف الذي يمارس ضد الشعب الأوكراني، فضلا عن تهديد السلام العالمي. وامتنعت الصين عن التصويت، رغم معارضتها الشديدة لأي تحقيق تجريه الأممالمتحدة وإجراء مناقشة عاجلة بشأن الهجوم الروسي. وأدان المجلس في جنيف "انتهاكات حقوق الإنسان والتعدي على هذه الحقوق الناجمة عن عدوان روسيا الاتحادية". ويدعو النص إلى "انسحاب سريع ويمكن التحقق منه للقوات الروسية والجماعات المسلحة المدعومة من قبل روسيا من كل الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليا". كما يطالب بأن تشكل على وجه السرعة "لجنة تحقيق دولية مستقلة" لفترة أولية تمتد عاما واحدا. وسيكلف المحققون ب"جمع وتجميع وتحليل الأدلة على... انتهاكات" حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، بهدف إجراء محاكمات محتملة في المستقبل، وتحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات "حتى يحمّلوا مسؤولية أفعالهم". روسيا وحدها وبدأت المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي التحقيق في جرائم حرب محتملة في أوكرانيا. وحذّرت فيليبينكو أمام المجلس من أن "قصف أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا يمكن أن يؤدي إلى كارثة عالمية". وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المجلس التي يستهدف فيها قرار روسيا بشكل مباشر، وفق متحدث باسم الأممالمتحدة. وقالت فيليبينكو، وهي محاطة بالعديد من نظرائها من جميع أنحاء العالم، إن "العالم كله يقف إلى جانب أوكرانيا". وردّد بعض مؤيدي كييف رأيها. بدورها، قالت ممثلة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة في أوروبا شيبا كروكر: "اليوم صوت أعضاء المجلس بأغلبية ساحقة لصالح إنشاء لجنة تحقيق ذات تفويض قوي... يقف أعضاء المجتمع الدولي إلى جانب أوكرانيا، ومن الواضح أن روسيا وحدها". وقال السفير البريطاني لدى الأممالمتحدة سيمون مانلي: "شهدنا هذا الأسبوع عرضا غير مسبوق للوحدة من قبل المجتمع الدولي". كارثة عالمية جاء هذا التصويت في الوقت الذي تعرضت، الجمعة، محطة زابوريجيا للطاقة النووية الأكبر في أوروبا، والواقعة في جنوبأوكرانيا، لضربات للجيش الروسي تسببت في حريق أخمده رجال الإطفاء الأوكرانيون بسرعة. لكن المندوب الروسي لدى الأممالمتحدة غينادي غاتيلوف قال إنه لا يعتقد أن تصويت المجلس، الجمعة، عكس "كل الفروقات الدقيقة" في مواقف الدول التي صوتت لصالح القرار أو امتنعت عن التصويت. وقال لصحافيين في جنيف: "لا أرى أننا معزولون"، مضيفًا "ضُغط على عدد من الدول من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين". وشجبت إريتريا، الداعمة العلنية الوحيدة لموسكو، أولئك الذين يحاولون إنشاء "نظام عالمي أحادي القطب" من خلال "تطويق روسيا واحتوائها". وقالت وزارة الخارجية في أسمرة في بيان إن "أوكرانيا للأسف ضحية واعتُبرت كبش فداء في مخططهم الشامل لتشديد الخناق على روسيا". من جهته، قال السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جيروم بونافون، نيابة عن الاتحاد الأوروبي، إنه "لا يوجد سوى معتد واحد في هذه الحرب، هو روسيا... يجب تحميل روسيا المسؤولية عن هذه الأعمال". وأشعل الغزو الروسي الغضب على نطاق واسع في العالم، وتتزايد التظاهرات المناهضة للحرب ومبادرات التضامن مع الأوكرانيين في ظل القصف والنزوح الجماعي من أوكرانيا لنحو 1,2 مليون شخص، وفق أحدث أرقام الأممالمتحدة.