تتعقد الأحداث في مسرح النزاع الروسي الأوكراني عقب طرح الأوروبيين والغرب لعدد من العقوبات الاقتصادية على موسكو، ستكون لها تداعيات على الأسواق الروسية ومعاملاتها مع عدد من الدول، بما فيها المغرب. وقبل النزاع المسلح بين البلدين الجارين في أقصى شمال أوروبا، كانت العلاقات المغربية الروسية تعيش على وقع المد والجزر، حيث لم تشهد استقرار واضحا إلا بعد الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس عام 2016 إلى موسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، وتوقيعهما على تفاهمات استراتيجية. وفي أكتوبر 2017، وقعت الرباطوموسكو 11 اتفاقية، ثلاث منها في مجالات الطاقة والصناعة والزراعة. وارتفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين من حوالي 200 مليون دولار عام 2001 إلى 2.5 مليار دولار في 2016. واحتلت روسيا عام 2016 في المرتبة التاسعة في قائمة الدول المصدرة للمغرب، والمرتبة ال22 في قائمة المستوردين منه. وتربط المغرب والطرفين المتنازعين علاقات اقتصادية مهمة، خصوصا في ميادين استيراد وتصدير المواد الفلاحية، ما يجعل توازن المصالح عاملا حاسما في طرح أي موقف علني من الحرب الحالية. وسجل المغرب في تفاعله مع النزاع أنه يتابع الأزمة المندلعة بين الطرفين بقلق ويتشبث بالوحدة الترابية لجميع دول هيئة الأممالمتحدة. وتبنّت الدول الغربية رزمة جديدة من العقوبات ضد موسكو ردا على هجومها على أوكرانيا، تشمل خصوصا استبعاد العديد من البنوك الروسية من نظام "سويفت" المصرفي. وقال المحلل الخبير في الشأن الأمني محمد الطيار إن إخراج روسيا من نظام "سويفت"، "لن تكون له انعكاسات كبيرة على عملية تحويل الأموال وصرفها في المغرب". لكنه استدرك بأن بعض "التعاملات المرتبطة ببعض الصادرات المغربية إلى روسيا، ممكن أن تتأثر، خاصة المنتجات الفلاحية". وأضاف الطيار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هذه الخطوة ستضر البنوك الروسية بشكل كبير، ومن شأنها ضرب الاقتصادات التي تعتمد على الاستيراد من روسيا، خاصة السلاح والغاز والنفط". وشدد على أن هذه الخطوة "ستحدث رجة كبيرة في النظام التجاري العالمي"، مبرزا أنه سبق أن تم عزل إيران عن نظام "سويفت" في 2012 بسبب برنامجها النووي، وخسرت تقريبا نصف عائدات تصدير النفط، وتضرر ثلث حركة تجارتها الخارجية، وعملت على الاعتماد على وسائل أخرى للتخفيف من آثار خسائرها. ومن المنتظر أن تعمد روسيا إلى البحث عن طرق بديلة، منها إنشاء نظام للمبادلات المصرفية خاص بها، يوفر لها منصة للتعاملات المالية، خاصة مع البنوك الصينية، مما سيوفر لها وسيلة للالتفاف على قرار عزلها من نظام "سويفت". وعاد الخبير في الشأن العسكري إلى تأثير عزل روسيا من النظام المذكور، موردا أنه "ستكون له انعكاسات متفاوتة على المبادلات التجارية مع المغرب، خاصة قطاع الحوامض، ولكن ليس بالدرجة التي يمكن أن تشكل ضرارا ملحوظا". في المقابل، سيكون الضرر واضحا على بعض الدول العربية، منها الجزائر مثلا، يضيف المحلل ذاته، التي ستخسر أول مورّد أسلحة لها، كما أن علاقة شركة سوناطراك الجزائرية للمحروقات مع شركات طاقة روسية، على غرار "غازبروم" و"لوك أويل"، ستتضرر بشكل كبير، إضافة إلى أن سلة الغذاء الجزائرية تعتمد بشكل ملحوظ على روسيا.