بعد يومين من النقاش الأوروبي الإفريقي المشترك، اختتمت أشغال القمة السادسة للاتحاد الإفريقي- الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة ببروكسيل، باعتماد إعلان مشترك يروم تعزيز شراكة متجددة من أجل التضامن، الأمن، السلام والتنمية المستدامة. وأكدت الوثيقة الختامية على أهمية الشراكة المعززة والمتبادلة في مجال الهجرة والتنقل، وكذا الحاجة إلى مواصلة معالجة جميع مظاهر تدفقات الهجرة والحركية بكيفية مندمجة، شاملة ومتوازنة، وفق روح المسؤولية والالتزام المشترك. وجدد رؤساء الدول والحكومات التأكيد على أهمية العمل المشترك وتعزيز القدرات، بما في ذلك مع المؤسسات الإفريقية المعنية، لاسيما المرصد الإفريقي للهجرة، قصد الوقاية من الهجرة غير الشرعية، تعزيز التعاون ضد التهريب والاتجار في البشر، إلى جانب دعم إدارة معززة للحدود وتحقيق تقدم فعال في مجال العودة، والترحيل وإعادة الإدماج. ويعد المرصد الإفريقي للهجرة أحد الاقتراحين الرئيسيين الواردين ضمن الأجندة الإفريقية للهجرة التي قدمها الملك محمد السادس، رائد الاتحاد الإفريقي في قضية الهجرة، بمناسبة انعقاد القمة ال30 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في يناير 2018، وتنزيل مباشر لميثاق مراكش العالمي. اعتراف بالدور المغربي هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية، أوضح أن "مشاركة المغرب في القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي عرفت تجسيد الدور الاستراتيجي المهم الذي يقوم به المغرب على مستوى عدة ملفات، خاصة المتعلقة بالهجرة، وهو ما أكدته المنظمة الدولية للهجرة على لسان مديرها العام، أنطونيو فيتورينو، بعد المباحثات التي أجراها مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة. ووقف الخبير ذاته، في تصريح لهسبريس، عند الدور المحوري الذي يقوم به المغرب على مستوى تقريب وجهات النظر بين القادة الأفارقة ونظرائهم الأوروبيين، وعمله على تثبيت أسس التعاون الاستراتيجي بين القارتين. وقال إن المغرب اختار، خلال هاته الدورة، تسليط الضوء على أهمية مواجهة تحديات التعليم والثقافة والتكوين المهني والهجرة والتنقل للاستجابة لمتطلبات المصير المشترك بين شعوب القارتين. واعتبر معتضد أن مشاركة المغرب في هاته القمة الدولية والمحورية لقيادات البلدان الأوروبية والإفريقية برهنت مرة أخرى على الدينامية الجديدة التي تقودها المؤسسات المغربية على الصعيد الإفريقي، وانخراطها الجاد والمسؤول في تنزيل رؤية القادة المشتركة لتعاون أكثر فعالية، واندماج اقتصادي عادل ومنصف لمختلف الشعوب الأوروبية والإفريقية. وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن المغرب اختار في هاته القمة الدفاع عن أهمية تطلعات الشباب انطلاقًا مما يشكله من رأسمال بشري مهم ومصدر طاقة ينبغي للشراكة بين القارتين أن تستثمر فيه ومن أجله بما يضمن لها بلوغ أقصى إمكاناتها. ومن بين الرهانات التي اختارها المغرب للترافع عنها في القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، يضيف معتضد، تلك التي تترجم مقاربته للشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، خاصة أن خطاب المغرب الدبلوماسي والسياسي في القمة أكد أن تحديات القارتين مسؤولية مشتركة، وأن الحفاظ على المصالح المشتركة للدول رهين بمدى الانخراط الجاد والمسؤول للقيادات الأوروبية والإفريقية في تنزيل مقتضيات وتوصيات القمة. رؤية ملكية من جانبه، قال نبيل الأندلسي، الباحث في العلاقات الدولية، إن مشاركة المغرب في هذه القمة مشاركة نوعية ووازنة، وتعزز موقع المملكة المغربية كشريك استراتيجي لأوروبا، وكذا موقعها الدبلوماسي والاستراتيجي قاريا وإقليميا. واعتبر الأندلسي، في تصريح لهسبريس، أن حضور الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى إسناد الرئاسة المشتركة للمغرب للمائدة المستديرة حول التعليم، الثقافة والتكوين المهني، الهجرة والحركية، مؤشر على قوة المكانة التي يتمتع بها المغرب لدى الشركاء الأوروبيين ودول الاتحاد الإفريقي على حد سواء، بفضل الرؤية الملكية لأسس الشراكة بين أوروبا وإفريقيا القائمة على المصالح المشتركة، والندية والوضوح، من أجل إفريقيا مزدهرة وقوية وقادرة على المبادرة وحماية مصالحها الاستراتيجية.