قال صندوق النقد الدولي إن النشاط الاقتصادي في المغرب نجح في استعادة معظم ما تم فقدانه خلال الركود الحاد الذي سجله سنة 2020، بفعل تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد؛ فيما يتوقع أن تحقق السنة الجارية نموا اقتصاديا في حدود 3 في المائة. وأفاد الصندوق، في تقرير نشره عقب اختتامه مشاورات مع السلطات المغربية خلال فبراير، بأن الانتعاش المحقق خلال السنة الماضية يعزى بالأساس إلى استمرار التحفيز المالي والنقدي وانتعاش الصادرات ونمو التحويلات المالية للجالية والحصاد الاستثنائي للفلاحة بعد سنتين من الجفاف. وخلال سنة 2020، سجل المغرب انكماشا اقتصاديا قدره 6,3 في المائة، ومن المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2021 نموا بحوالي 6,3 في المائة؛ وهو من بين أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسب خبراء صندوق النقد الدولي. في المقابل، أشارت المؤسسة المالية الدولية إلى أن معدل البطالة، البالغ 11,8 في المائة، لا يزال أعلى من مستوى ما قبل الجائحة. كما أشارت إلى أن البنوك المغربية تجاوزت تداعيات الأزمة بشكل جيد، بفضل الدعم السريع والاستثنائي في إطار سياسة بنك المغرب. وبخصوص السنة الجارية 2022، يتوقع صندوق النقد الدولي تحقيق نمو اقتصادي بحوالي 3 في المائة، بحيث سيعود الإنتاج الفلاحي إلى مستوياته المتوسطة وسيستمر النشاط غير الفلاحي في التعافي. كما اعتبر الخبراء أن الضغوط التضخمية ظلت تحت السيطرة، ومن المتوقع أن تتضاءل على المدى المتوسط. وتفيد توقعات خبراء الصندوق أن يعود عجز الحساب الجاري بالنسبة لسنة 2021 إلى مستوى أقرب إلى ما قبل الوباء، وأن يستقر في حوالي 3,5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط؛ لكنها تظل توقعات عرضة لعدم اليقين، إذ تبقى الكثير من المخاطر معتمدة على تطور الوباء ومن شأنه التنفيذ السريع والفعال للإصلاحات الهيكلية أن تزيد من مستوى النمو على المدى المتوسط. وأشار الصندوق إلى أن النمو الاقتصادي المتوقع في المغرب خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون في حدود 3 في المائة، على أساس أن يتسارع بعد ذلك تدريجيا بعد استيعاب آثار الوباء والتأثير الإيجابي للإصلاحات المهيكلة. واعتبر تحليل الصندوق أن ارتفاع نسبة الدين الحكومي سيتطلب سياسة مالية أكثر تشددا مما هو مقرر حاليا، حيث يتوقع أن ينخفض عجز المالية العمومية ببطء شديد على المدى المتوسط وأن تستقر نسبة الدين العمومي بالنسبة الناتج المحلي الإجمالي فيما يقارب 80 في المائة. وأوصى الصندوق بضرورة ارتكاز السياسة المالية على إطار موثوق به ومدعوم بإصلاح شامل للنظام الضريبي ومراجعة منهجية الإنفاق الحكومي مع استكمال إصلاح الوظيفة العمومية لاحتواء زيادة الكتلة الأجرية. وبخصوص تعميم الحماية الاجتماعية، أشاد خبراء صندوق النقد الدولي بهذا الورش، وقالوا إن من شأنه أن يزيل الفجوات الموجودة في التغطية الاجتماعية بين المغاربة وجودة خدمات الرعاية الصحية وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي. واعتبر الصندوق ذاته أن التنفيذ الدقيق للإصلاحات المقترحة ضمن النموذج التنموي الجديد سيمكن من تحقيق مسار نمو أقوى وأكثر شمولا واستدامة. وأشارت المؤسسة إلى أن الاحتياجات التمويلية الكبيرة لهذه الإصلاحات تتطلب في ظل ضيق الهامش المالي المتاحة يجب على الحكومة أن تصمم بعناية خطة تمويل مناسبة في إطار ماكرواقتصادي متماسك ومستقر.