تطرقت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الثلاثاء إلى انتشار ظاهرة الجريمة خاصة في الجزائر العاصمة، وتداعيات استمرار الأزمة السياسية المستحكمة في تونس، ومواقف العواصم الدولية حيال الأحداث الأمنية التي تشهدها ليبيا، وسير الحملة الانتخابية في موريتانيا. ويعتبر انتشار ظاهرة الجريمة لا سيما في الجزائر العاصمة أبرز موضوع تناولته عدد من الصحف منها (الخبر) التي خصصت صفحة كاملة له تحت عنوان "حرب الزعامة والمخدرات تحاصر ضواحي العاصمة". وقالت إن "المواجهات التي شهدها أحد أحياء العاصمة أعادت مسلسل العنف واللاأمن الذي تعرفه المدينة منذ سنوات، بفعل الصراعات المتكررة بين عصابات فرضت منطقها وحوøلت أحياء جديدة إلى ساحات لمعارك يستخدم فيها كل ما هو مباح وغير مباح، في مشاهد لا تتكرر إلا في مسلسلات حروب الجاهلية، يذهب ضحيتها مواطنون أبرياء وتحطم فيها ممتلكات الآخرين". ومما رصدته الصحيفة أن الصراعات على الزعامة امتدت إلى " تجار المخدرات الذين لا يتسامحون مع أي شخص يقترب من منطقتهم، حيث قسموا العاصمة إلى مناطق ومقاطعات، لترويج سمومهم وكل من يتجاوز حدود الآخر سيكون مصيره الموت، لكن الموت لا يختار أفراد العصابات بقدر ما يختار أبرياء". وتحت عنوان "الجزائريون ينامون ويستيقظون على القتل والسرقة"، أوردت (الخبر) أيضا ، أن "يوميات الجزائريين تحولت إلى كابوس حقيقي بسبب ارتفاع معدل الجريمة، إذ تكشف آخر أرقام مصالح الدرك الوطني عن توقيف 71 ألف و576 شخصا تورطوا في مختلف الجرائم عبر الوطن، خلال العشرة أشهر من السنة الجارية، أي بمعدل 231 جريمة في اليوم، و10 جرائم في الساعة". وعزا طبيب نفساني في تصريح للصحيفة ارتفاع نسبة الجريمة في البلاد إلى عوامل منها أن قيما أخلاقية تلقاها المواطن الجزائري "دون أن نفتح له النافذة على ما يحدث عند الغير، حيث أنه بعد ظهور التكنولوجيا المعلوماتية، وجد نفسه يعيش نوعا من الدهشة والاغتراب، مما دفع به إلى استعمال العنف الذي انعكس على ذاته"، يضاف إليه "النمو الديموغرافي الذي صاحب المجتمع الجزائري، والذي لم تهيأ له الظروف بسبب البطالة، مع انعدام السكن، مما جعل المواطن في رحلة بحث دائم عن كيفية تلبية دوافعه البيولوجية". وتناولت تحليلات الصحف التونسية تداعيات استمرار الأزمة السياسية المستحكمة في البلاد والصعوبات المعيقة لاستئناف الحوار الوطني الذي تم تعليقه منذ أسبوع.وأبرزت بعض هذه الصحف مخاطر مواصلة سياسة "الجحيم هم الآخرين"، في إشارة إلى الجدل السياسي المتواصل بين الائتلاف الحاكم والمعارضة حول الطرف المسؤول عن هذا الوضع المأزوم. في هذا السياق، كتبت (الصباح) أنه "من المهم الاعتراف أولا بعد أسبوع من الترقب والانتظار أن الحوار الوطني لم يعد وسيلة مطلوبة في حد ذاتها للخروج بالبلاد من أسوا أزمة تواجهها منذ ثلاثة سنوات بل أصبح هدفا غير مضمون نتيجة هيمنة منطق الغنيمة بين الفرقاء، بما جعل التنافس ينحصر في الدفاع عن المصالح الحزبية والانتخابية الضيقة وتغييب المصالح الوطنية العاجلة وتداعياتها على الحياة اليومية للمواطن". ومن جهتها كتبت (الشروق) أن "تونس تقترب بخطى حثيثة من اختتام السنة الثالثة لقيام ثورتها، ولا بديل جديا يطمئن أو يوثق به، ولا خروج من نفق يزداد طولا وظلمة. ثلاث سنوات والحصاد صراعات لا تنتهي واحتجاجات في كل مكان وكساد وركود"، مسجلة أن "تونس اليوم مريضة وسبب مرضها في نخبها السياسية والفكرية وسيان كان هؤلاء في السلطة أو المعارضة". في المقابل، كتب المحرر السياسي في صحيفة (الضمير) أن "هناك من خطط لإفشال الحوار لأنه لا يؤمن أصلا به، ولأنه يدرك أنه انتصار ثان لحركة النهضة التي اختارت الوفاق في الحكم، عكس ما توقعه البعض من أن الاسلاميين لا يؤمنون بالآخر". وشكلت المواقف المعبر عنها من قبل عواصم دولية وازنة حيال الأحداث الأمنية التي تشهدها ليبيا ومبادرة الحوار الوطني وظاهرة الاكتظاط والاختناقات المرورية في العاصمة طرابلس، والمخاطر المحدقة بالمعالم الأثرية الليبية أبرز اهتمامات الصحف الليبية . وقدمت صحيفة (فبراير) في مقال لها قراءة في البيان المشترك لبلدان الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا على خلفية الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس، والذي ضمنوه" قلقهم بسبب حالة عدم الاستقرار في ليبيا والتهديد الذي يمثله ذلك على الانتقال الديمقراطي". واعتبر المقال أن قراءة متأنية في ثنايا هذا البيان وبيانات أخرى مماثلة صادرة عن الدول ذاتها، تكشف أنها لا تنم عن "اهتمام هذه البلدان بدمقرطة ليبيا" بقدر ما تعكس "تحذيرا مبطنا مفاده أن العبث بأمن واستقرار ليبيا ذات الموقع الاستراتيجي يعني تهديدا غير مسموح به على الإطلاق لمصالح هذه الدول لتي طفح بها الكيل جراء تكرار التصرفات الصبيانية من بعض الأفراد الغافلين". ويرى كاتب المقال الذي حمل عنوان "تحذيرات لغالفين"، أن تجنب ليبيا مبررات تدخل الدول الكبرى رهين ب"التحلي بالوطنية الحقيقية التي حملت الأفراد الذين دفعوا دماءهم وحياتهم في سبيل الوطن على التضحية كي لا يكون مصير ليبيا مرهونا في يد من لا يقدر عواقب التصرفات الرعناء." وفتحت صحيفة (ليبيا الإخبارية) ملف الحوار الوطني، مسلطة الضوء على المبادرة التي أطلقها مؤخرا (تحالف القوى الوطنية ) بغية الوصول إلى "رؤية متكاملة يمكن ترجمتها في شكل تشريعات وخطط وبرامج تنفيذية في المستقبل". وتساءلت في مقال لها عن السبل القمينة بالخروج من المأزق السياسي والأمني "المتمثل في خطورة الأوضاع القائمة وبدء العد التنازلي لانتهاء فترة ولاية الحكومة المؤقتة والمؤتمر الوطني العام" لتخلص إلى أن الحل يكمن في "حوار وطني باعتباره أداة فاعلة في الوصول الى حلول، والسبيل الوحيد لإنجاز توافقات تفصيلية ومحددة زمنيا تلافيا لحدوث فراغ سياسي". أما صحيفة (أخبار الحياة) فاهتمت بوضعية الآثار الليبية العريقية وخاصة بمدينة صبراتة الأثرية التي يعود تاريخ بنائها الى القرن الثاني قبل الميلاد. وأجرت الصحيفة لقاء مع مدير آثار المدينة الأثرية محمد أبو عجيلة، تطرق فيه إلى المشاكل التي يعانيها هذا الموقع الهام ومن ضمنها تدني مستوى الحماية وعدم توفر حواجز للحد من تأثير أمواج البحر وكذا الحاجة الماسة إلى عمليات ترميم واسعة لنحو 50 بالمائة من المعالم الحضارية بهذه المنطقة. واهتمت صحيفة (رواسي) بموضوع الاختناقات المرورية والاكتظاظ الكبير الذي تشهده العاصمة طرابلس، متسائلة عن الحلول الكفيلة بالتخفيف من هذا الوضع "الذي يزيد استفحالا يوما بعد يوم". واستقت الصحيفة آراء عينات من الموطنين بهذا الخصوص والذين عزوا هذا الوضع أساسا إلى ضعف البنية التحتية وعدم تفعيل دور شرطة المرور على النحو المطلوب وعدم التقيد بقوانين السير. ومن أبرز المواضيع التي استأثرت باهتمام الصحف الموريتانية، وقوف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات على بعض التجاوزات التي شابت حملة الانتخابات التشريعية والبلدية التي دخلت يومها الخامس وافتتاح الدورة البرلمانية الأولى للسنة التشريعية 2013-2014. فقد تصدر عناوين الصحف البيان الصادر عن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والذي سجلت فيه بعض التجاوزات المخالفة للنصوص المنظمة لحملة الانتخابات البلدية والتشريعية والسلوكات والممارسات التي يجب أن تطبعها.وفي هذا السياق كتبت (الفجر) تحت عنوان "في أول بيان لها من نوعه: المستقلة للانتخابات تنتقد استعمال وسائل الدولة في الحملة الانتخابية"،أن اللجنة دعت كافة الشركاء في المسار الانتخابي إلى التقيد الكامل بالنظم الانتخابية وتجنب الانحرافات. وقالت صحيفة (لورينوفاتور) إن استعمال وسائل الدولة لأغراض انتخابية كان من بين الدوافع التي حدت بمنسقية أحزاب المعارضة إلى اتخاذ قرار مقاطعة الانتخابات البلدية والتشريعية ليوم 23 نونبر الحالي، معتبرة أن مثل هذه الممارسات تفسد بالمرة التنافس الانتخابي وتضرب في العمق بمصداقية الاقتراع. ولم تفت الصحيفة الإشارة إلى توجيه بعض الأحزاب انتقادات للجنة المستقلة للانتخابات ذاتها على غرار التحالف الشعبي التقدمي وحزبي الصواب والوئام، فيما أشارت صحيفة (الأمل الجديد) إلى اتهام الحزب الجمهوري للجنة ب"التلاعب في الترتيب المعتمد للأحزاب السياسية المرشحة على بطاقات التصويت. أما صحيفة (الشعب) فتناولت موضوع الحملة الانتخابية من زاوية التغطية الإعلامية، فلاحظت أن دخول عدد من القنوات الفضائية والإذاعية الحرة في موريتانيا حلبة التغطية الإعلامية للانتخابات البلدية والتشريعية يعد "ظاهرة جديدة على المشهد الانتخابي المواكب لهذه الاستحقاقات". وأوضحت أن تنوع وتعدد هذه القنوات أتاح الفرصة أمام المتنافسين لمخاطبة جمهور من الناخبين بأدوات السمعي البصري التي تعتبر أكثر وسائل الإعلام شعبية وقدرة على التأثير في القناعات.