فتحت العدالة الفرنسية، يوم أمس الأربعاء، النظر في شكوى تقدم بها المغرب بخصوص دعوى تشهير ضد منظمات غير حكومية ووسائل إعلام فرنسية اتهمت المملكة بالتجسس عليها عبر برنامج "بيغاسوس". وضمن لائحة الاتهام، دافعت المدعية العامة فورا عن عدم قبول الشكوى، بحجة أن الدول لا تمتلك صفة رفع دعاوى تشهير باسم القانون الفرنسي الشهير للعام 1881 حول حرية الصحافة. ونفى المغرب، منذ بداية قصة "بيغاسوس"، بشكل قاطع المزاعم الكاذبة لمنظمة العفو الدولية وكونسورتيوم "فوربيدن ستوريز". ولم تتردد المملكة، مستندة على الأدلة، في إجراء خبرة علمية عالية الدقة، أظهرت الطابع المدلس لهذه الادعاءات. وأعقب ذلك طلب استدعاء لمثول وسائل الإعلام الفرنسية المعنية، وتلك التابعة لدول أخرى بتهمة التشهير أمام محاكم بلدانها، ليس في نوع من "الإجراءات التقييدية" في حقها أو لتقويض حرية التعبير المقدسة التي تحميها المملكة مثلما تفعل الدول الديمقراطية؛ ولكن للدفاع عن حقوقها وسمعتها وكذا إداراتها الأمنية التي تعمل في إطار سيادة القانون. ومن خلال دعوى التشهير هذه، فإن المغرب ليس بصدد تنفيذ عملية "تواصلية"؛ فهو ليس في حاجة إلى ذلك، لكنه يستخدم حقه في المطالبة بجبر الأضرار والمظالم التي لحقت به، بالنظر إلى أن الاتهامات خطيرة وتضر بصورته وشرفه وسمعته. وبالنسبة لمحامي المملكة، أوليفييه باراتيللي، فإن وسائل الإعلام الفرنسية، موضوع الشكوى، "لا ترغب على وجه الخصوص في التطرق لجوهر الملف؛ لأن التحقيق الذي أجري في فرنسا اليوم كشف أن ما ادعته غير صحيح، وأن المغرب لم يسبق له بتاتا استعمال برنامج بيغاسوس". وقال المحامي الفرنسي، في تصريح للموقع الإخباري "أطلس أنفو. إف إر"، لهذا "يتم توظيف مناورات ذات صلة بالمسطرة، لعدم القبول وادعاء ثغرات مزعومة: كل ذلك من أجل افتعال ستار دخاني يتيح تجنب النقاش الجوهري". هكذا، فإن مقبولية الشكوى أمر لا جدال حوله في هذه القضية، لا سيما أن الوقت قد حان لكي تتمكن الدول والهيئات التابعة لها، والتي لا يمكنها التملص من صفتها القانونية ككيانات خاضعة للقانون من الولوج بكيفية منصفة إلى العدالة قصد الدفاع عن نفسها من اتهامات التشهير وحماية نفسها من الروايات المصطنعة التي تقدمها وسائل الإعلام غير المسؤولة على أنها حقائق مطلقة. وكان المغرب قد رفع دعوى قضائية أمام محكمة الجنايات في باريس ضد منظمتي العفو الدولية و"فوربيدن ستوريز" بتهمة التشهير، بعدما حصلتا على قائمة أرقام الهواتف التي استهدفها مستخدمو برنامج "بيغاسوس" الذي طورته مجموعة "إن إس أو" الإسرائيلية. وسبق أن أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن كل شخص أو هيئة وجهت اتهامات إلى المغرب عليها تقديم الدليل أو تحمل تبعات افترائها الكاذب أمام القضاء، موضحا أن دور العدالة هو التحقق من الاتهامات وفق الأدلة المادية. وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن المغرب نجح في أن يصبح حليفا موثوقا لدى شركائه، بفضل الفعالية المعترف بها عالميا لأجهزته الأمنية، خاصة في الحرب الدولية ضد الإرهاب.