لم أكن متشائما في حياتي يوما، و لكنني أصبحت والحمد لله الذي لا تحمد لا مكروه سواه أكثر خوفا على سكينتي الخاصة بعد أن تردت السكينة العامة في مهاوي الفوضى و السيبة التي لم يشهدها المغرب في القرون الوسطى حين كان يحمل المغربي روحه في يده منتظرا تسليمها إلى عزرائيل في أية لحظة . "" فبعد تبرئة ابن والي كلميم أصابني رهاب الخروج إلى الشارع و أصبحت جميع السيارات في نظري وحوشا ضارية كأصحابها تتربص بي و تتهددني في سلامتي البدنية و النفسية ،و لا أدري هل بوسع فريق كامل متكامل من الأطباء النفسيين و الاستشاريين الاجتماعيين أن يقنعوني بالخروج إلى الشارع مجددا ، دون الأعراض الخطيرة التي أصبحت ترافق سلوكا من هذا القبيل. فكل المواطنين عادوا في نظري مجانين و كل السيارات –خصوصا الفارهة منها- أصبحت تستهدفني و كم أقنعت نفسي أن الأمر يتعلق بوسواس قهري اسمه" رهاب الخروج" و هو مرض يجعل الجميع في خانة المتهمين ،لكن يتيبن لي يوما بعد اخر صحة ما ادعيه واليكم الأسباب لقد اعتدى ابن والي كلميم و هو في حالة سكر طافح على مواطن مثلي ودهسه بسيارته "الزيبرا" كما يدهس الواحد منا صرصارا في المطبخ ، وعوض أن تتخذ في حقه الإجراءات المعمول بها في هذا الصدد ، يتم تبرئته و يخرج منها كما تخرج الشعرة من العجين ، بعد أن استصدر له والده شهادة من طبيب سويسري تثبت إصابته بمرض نفسي خطير على ما يبدو.. ورغم ثقافتي القانونية المحدودة جدا فان هذه النازلة الغريبة تنطوي على بعض المغالطات المنطقية الواضحة و التي تجعل والي كلميم في قفص الاتهام اولا اذا كان الأب يعلم سابقا بمرض ابنه النفسي فلماذا التزم الصمت تجاه حالته المرضية الخطيرةو و التي تهدد الأمن العام و السكينة العامة خصوصا وانه رجل سلطة و يعلم-بل هو أول من يفترض بهم أن يعلموا- أن الغرض من القانون هو إحقاق الأمن العام و السكينة العامة و الضرب بقضبان من حديد على كل من تخول له نفسه تهديدهما او تقويضهما. الا اذا كان الوالي المحترم يطبق مقولة "وجد القانون ليخرق و النظام ليقوض" وهي مقولة لا يحسن به ان يؤمن بها في هذه الظرفية العصيبة. و لماذا سكت كل الوقت عن إيداعه مصحة نفسية فاحتكاكه بالمواطنين خطر محقق على سلامتهم وتهديد واضح لأرواحهم و لماذا لم يتدخل الوالي المحترم ليحرم ابنه من رخصة القيادة و التي من شروط حيازتها التمتع بكامل القوى البدنية و النفسية والعقلية . ثانيا إن منصب الوالي الحساس و الثقة التي تمتع بها من الدوائر الرسمية تجعله من الذين استأمنوا على أرواح المواطنين و سلامتهم فكيف به يسمح لابنه المخبول بالعمل في مكتب للدراسات الهندسية رغم أن هذه المناصب تتطلب احترافية عالية و مهنية كبيرة و مسؤولية اكبر و ما مثال عمارة المنال منا ببعيد فقد رأى المواطنون كيف هوت العمارة المذكورة على بنائيها العشرين لعدم قانونية البناء على أرضية هشة كانت في ما سلف من الأيام ترعة مائية ،رغم أن المسؤولين و المهندسين الذين سولت لهم أنفسهم الخبيثة بإعطاء رخصة البناء فيها يتمتعون حسب علمنا على كامل قواهم العقلية فكيف إذا كانوا يفتقدونها ..و قد علمتنا التجارب الميدانية في الهندسة المدنية كيف أن خطأ بسيطا قد يسبب مصائب جمة، فكيف بتصاميم يسهر على إعدادها مهندسون مخبولون مختلون نفسيا كابن الوالي المحترم. ثالثا إن حادثة المهندس المذكور ابن الوالي تأتي بعد حادثة البخوش و الدبان الشهيرة و التي كاد أن يروح ضحيتها الشرطي طارق محب. فهل يريد الوالي أن يقول إن المواطنين المغاربة الشرفاء هم كما أراد لهم المختل اليعقوبي بخوش و دبان لا يستحون إلا أن نسحقهم كحشرات مضرة قبل أن نستصدر شهادات من كبار العيادات النفسية تثبت احتياجات الجناة العقلية الخاصة و إصابتهم بأمراض لم نسمع بها في الأولين و لا الآخرين.. رابعا لماذا استصدرت الشهادة من سويسرا أم أن الأطباء النفسيين المغاربة ليسوا أكفاء.وقد رفضوا الإدلاء بشهادة زور من هذا القبيل لعدم التورط في قضية قد تتشعب و تطيح بعدد كبير من الرؤوس. فاثروا البقاء في الظل على أن يهلكوا كما هلك سعيد في المثل العربي "انج سعد فقد هلك سعيد". خامسا لماذا اثر الوالي براءة ابنه على أن يلتزم الحياد خصوصا عندما يعلم ان ابنه من طينة الأبناء العاقين الذين يجاهرون الله و العباد بالإثم ، و يشربون الخمر في رمضان . قديما سالت احد الحكماء المعروفين في الدرب ،عن المجنون من هو؟ فقال : المجنون هو الذي يأكل من القمامة ،قلت زدني قال هو الذي يمشي عريانا كما ولدته أمه، قلت زدني ،قال هو الذي يرشق الناس بالحجارة، قلت زدني ،قال لا اعلم مجنونا خارج هذه الأوصاف، ثم سكت.