قال أحمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن جائحة كوفيد 19 وتداعياتها على تدبير الشأن العام تفسح المجال أمام مخاطر خلق بؤر فساد جديدة، وتقويض جهود مكافحته، لاسيما في ما يتعلق بالتحديات التي يمكن أن تواجه أجهزة الرقابة وسلطات إنفاذ القانون لاقتفاء أثر الممارسات الفاسدة. وأضاف الراشدي، ضمن أشغال الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، المنعقد بمصر، أن "هذا المؤتمر يعتبر أكبر محفل دولي للتداول في قضايا الفساد، ولحظة فارقة للتفكير الجماعي"، داعيا إلى "وضع رؤية ملموسة لفتح آفاق جديدة أمام مختلف الدول لتطوير سياساتها وبرامجها الوطنية، من خلال مقاربة تدمج خصوصيات ومستلزمات تدبير الظروف الاستثنائية". واعتبر المتحدث، اليوم الثلاثاء، أن "المملكة المغربية انخرطت بقناعة وقوة في الدينامية الدولية لمكافحة الفساد، من خلال تقديم الدعم الكامل للجهود الهادفة إلى تنزيل وتنفيذ أحكام اتفاقية الأممالمتحدة، عبر المشاركة النشطة في كل دورات هذا المؤتمر، وباحتضان دورته الرابعة التي تميزت بإقرار إعلان مراكش للوقاية من الفساد". "في هذا الإطار، اعتمد المغرب مجموعة من التدابير، توجت بالعديد من المكتسبات القانونية والمؤسساتية التي تم تحقيقها منذ المراجعة الدستورية لسنة 2011، كاستقلال النيابة العامة، وإحداث مفتشية عامة للسلطة القضائية، وتقوية أدوار هيئات الحكامة والرقابة العليا"، يردف الراشدي. وأشار المتحدث ذاته إلى أن "المغرب وضع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2016-2025، وبعد تقييم موضوعي تم تعزيز هيكلتها وتوجيهها لتشمل، ابتداء من سنة 2022، مجموعة من الأولويات، تهم على الخصوص التحول الرقمي، والرقابة والمساءلة، والطلبيات العمومية، ونزاهة القطاع الخاص؛ كما تم إصدار القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها باعتبارها هيئة دستورية مستقلة، ذات صلاحيات واسعة، سواء على مستوى تقديم التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد، والإشراف على تنسيقها وضمان تتبع تنفيذها، أو على مستوى القيام بعمليات البحث والتحري في قضايا الفساد". وتعززت هذه السياسات، يقول الراشدي، بمصادقة الملك على النموذج التنموي الجديد، الذي يَنْبَني على مبدأ الموازاة بين "دولة قوية" و"مجتمع قوي"، وعلى "أولوية المصلحة العامة، وتدعيم قيم الأخلاقيات والنزاهة". واعتبر المسؤول ذاته أن "المملكة المغربية تطمح إلى أن تفضي أشغال هذه الدورة إلى اعتماد مشروع القرار الذي سيتم التقدم به بشأن الوقاية من الفساد، لكونه سيفتح أفقا جديدا لاستثمار إعلان مراكش، لاسيما ما يخص ملاءمة الإستراتيجيات الوطنية مع وضعيات الأزمات، وجعل الوقاية من الفساد رافعة في خطة التنمية المدمجة والمستدامة".