قال محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن عدم تحقيق النتائج المنشودة في ميدان محاربة الرشوة راجع إلى جملة من الأسباب، من بينها أن السياسات المعتمدة سياسات قطاعية أكثر منها إستراتيجية، ما يُفضي إلى عدم تحقيق الالتقائية في جهود الفاعلين المتدخلين. واعتبر الراشدي، في حوار مصوّر مع جريدة هسبريس الإلكترونية، يُنشر لاحقا، أن الفساد "مسألة معقدة لا يمكن معالجتها بإجراءات متفرقة"، مشددا على ضرورة أن تكون المقاربة المعتمدة لمواجهة هذه الآفة "شمولية ومتكاملة بين مختلف الفاعلين المعنيين". سبب آخر يرى رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أنه يحول دون بلوغ التطلعات المأمولة في مجال مكافحة الفساد، يتعلق ب"غياب مسألة تحديد الأولويات"، مبرزا أن "الفساد لديه أسباب وتمظهرات متعددة، ما يتطلب تحديد الأولويات وترتيبها وفق الأسباب التي تجعله ينتشر أكثر، من أجل وضع حلول لمكافحته، والعمل على تطبيقها بكيفية جادّة وبجرأة". وتعليقا على الملاحظات التي يُبديها البعض حول اقتصار استهداف المتورطين في الفساد على "الرشوة الصغيرة"، من خلال الرقم الأخضر الذي أحدثته رئاسة النيابة العامة، قال الراشدي إن هذا الأمر غير صحيح، موضحا أنه "يتم التحقيق في جميع ملفات الذين يَضبطون في حالة تلبس، بغض النظر عن قيمة الرشوة المتحصّل عليها". وبخصوص وضعية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، في ظل عدم دخول القانون المنظم لعملها حيّز التنفيذ بعد، لعدم تعيين أعضائها، رغم المصادقة عليه في البرلمان ونشره في الجريدة الرسمية، رجّح الراشدي أن يكون سبب تأخر تعيين أعضاء الهيئة "تجديد تشكيلة المؤسستين التشريعية والتنفيذية بعد الانتخابات الأخيرة"، متوقعا أن تجري عملية التعيين قريبا. وجوابا عن سؤال بشأن توفر الهيئة على الموارد البشرية والمالية الكفيلة بضمان الاضطلاع بأدوارها الجديدة، بعد دخول القانون المنظم لها حيز التنفيذ، لاسيما ما يتعلق بالبحث والتحري، قال الراشدي إن "مسألة الموارد المالية والبشرية تُعتبر تحدّيا"، لكنه يرى أن السلطات الحكومية ستعمل على تذليل هذه العقبة. وأضاف المتحدث ذاته أن "الصلاحيات الجديدة للهيئة لا يمكن أن تمكّن لوحدها من تحقيق تقدم كبير في مجال محاربة الفساد؛ لأن النجاح في هذه المهمة يقتضي تضافر جهود جميع الجهات المعنية".