بينَ موقفهِ من جدل "زواج المثليِّين" الذِي انقسمَ حياله الفرنسيُّون، وتنبئه بتحول "جون جيني" إلى وليِّ فِي المغرب، يعودُ الكاتب المثير للجدل، عبد الله الطايع، ليقدمَ نظرته، بشأنِ عددٍ من القضَايَا المتصلة، بأدبِ "المثليِّين"، ورأيه في الكاتب، رشيد أُو، وكذَا نظرته إلى انعكاس الربِيع العربِي على الحريَّات، حيثُ لمْ يبد ذَا خشيَة، من نكوص على مستوى الحريَّات، خلال العامين الماضيين، اللذين أعقبَا موجة التغيير بعددٍ من البُلدان. غالبًا ما تتمُ مقارنتك بالكاتب المثلِيِّ جنسيًّا، رَشِيد أُو، ما قولك؟ من بواعثِ الفخر بالنسبة إليَّ، أنْ يتمَّ ربطِي برَشِيد أُو. فأنَا أعشق كتبه. سيما كتابيه الأولين. حيث إننِي لا زلتُ أذكُر يوم اقنتينُ كتاب "أكثر من حياة". كان ذلك فِي يونيُو من عام 1996، وأنَا فِي الحاديَة والعشْرِين من عمرِي، حين كنتُ أقرأ الكتاب، تولد لديَّ انطباعٌ بأننِي أعيدُ اكتشاف المغرب بصوت حرٍّ وشاعرِي إلى حد كبير. البعض يريدُ أنْ يرَى فيه أدبًا هامشيًّا، أو إدراجه ضمنَ "أدب المثليِّين" "littérature de pédé". لكنهم ينْسَونَ أنَّ الأمرُ يتعلقُ فِي مقامٍ أول بالكتابة، وبالتزامٍ وسيلته الكلمات التِي يعادُ خلقها. يعتبركَ عددٌ من الشباب المغربِي نموذجًا لهم، هل تمدُّ لهمْ يدَ المساعدة بطريقةٍ أوْ بأُخْرَى؟ نعم، بكلِّ تأكيد، أستقبل رسائلهم الإلكترونيَّة وأشركهم، في مشاريع جماعيَّة، كما حصل مع كتابِيَّ "رسائل إلى شاب مغربِي"، وَ"جان جون، وليُّ مغربيٌّ". ما الذِي يشدُّك إلى جون جوني، وإلى عمله؟ هناكَ رابطٌ شعبيٌّ، إنْ أسعفنِي القول. فَحضوره في الذاكرة الجماعيَّة للمغاربة يسترْعِينِي جدًّا. أناواثقلإ من أنه سيصبحُ وليًّا ذات يوم. وقدْ أخرجتُ عامَ 2008 فيلمًا قصِيرًا حول قبره دون حوار، من اثنتَيْ عشر دقيقةً، لكننِي لمْ أقم بالمونتاج سوى مؤخرا. بعدما جرى تصوير الفيلم في العرائش. حينَّ تكتب أعمالك، هلْ تفكر في الجمهور المغربِي أم فِي الجمهور الفرنسيِّ؟ لا ذاك ولا ذاك، حين أكتبُ أركزُ بالخصوص على ما يدورُ في خلدِي. على سدِيم الأفكار، والصور التي أرتبها في نصوص. وَفي شذرات. الكتابة فيها شيءٌ من الحمق، تتطلب مجهودًا جبارًا. لأنَّ الجمهورَ، أَيًّا كان، يعشق النص متى ما كان مبنيا بطريقة جيدة، وإذا ما عبرتهُ أحاسيس حقيقيَّة. بما، أنَّك تعيشُ في فرنسا، التي عرفت هذا العام نقاشاً محمومًا حول زواج مثليِّي الجنس. هل اتخذتَ موقفًا حُيَالَ الجدل؟ نعم، وَبكلِّ وُضوحٍ، فأنَا مع المساواةِ في الحقوق بالنسبة إلى الجميع. لذوِي الميول الجنسية تجاه الجنس المغاير، أوْ لمثليي الجنس. لكن بصفة شخصيَّة، الزواج لا يستهوِيني على الإطلاق. وإنْ كنتُ مع زواج المثليِّين، الذِي أبديتُ موقفِي منهُ كمَا قلتُه. في الدراجة هناك أكثر من كلمة للحديث عن المثليَّة الجنسية؛ ك"زا..." ولوطِي"..ما التوصيف الذِي تجدهُ الأقل وقعًا؟ أرى أنَّ كلمة "مثلِي" محايدة وموضوعيَّة، وقد ظهرتْ بالكَاد قبلَ سنوات، في العالم العربِي لتسمية المثلِي جنسيًّا دون إصدار حكمٍ عليه. وأنَا سعيدٌ لأنَّ العربَ أضحَوْا أكثرَ استعْمَالًا للكلمة. وإنْ كانَ بعض المثليِّين المغاربة يستخدمُون التوصيف الدارج دونَ أنْ تكونَ لديهم أيَّة مشكلة. هل تعتقدُ أنَّ أدَبَ المثليِّين، الذِي كان ينظرُ إليه كما لوْ كان هدَّامًا فيمَا مضَى، أضحَى الحكم عليه مخففا شيئا ما اليوم، هل انكفَأ الكتَّاب المثليُّون على أنفسهم؟ لا أعتقدُ ..هنا قدْ أعيد القول مرة ثَانية إنَّ الكاتب المثلِي يبقَى قبل كلِّ شيءٍ، إنسانًا يمارِسُ الأدب. ألَمْ يكن هناك تعقيدٌ في إيجاد ممثلين ك لأداء أدوار في فيلم يتحدث عن المثليَّة الجنسيَّة؟ حين تهمُّ بإعداد فيلم، كلُّ شيءٍ، يكون معقدًا، لكن الممثلين الذِين التقيتُ بهم خلال الكاستِينْغْ أسعدُونِي حين حكَوْا لي كيف يعيش المثليُّونَ جنسيًّا في الأحيَاء الشعبيَّة بالدَّار البيضَاء. ماذا كان عملُكَ بالذَّاتِ خلال تصوير الفيلم؟ قمتُ بكتابة السيناريُو، بالاعتماد على روايتي "جيش الخلاص"، كما أنني سهرتُ على الإخراج. وَواكبتُ كافة المراحل، قبل الإنتاج، والتصوير، ومرحلة ما بعد الإنتاج. الأمرُ يتعلقُ بنظرتِي السينمائيَّة، وكل هذَا استغرقَ عدَّة سنواتٍ. ألَمْ تكن لديكُم مشاكل في التصوير مع السلطَات؟ لقد استلمنَا ترخِيصًا رسميًا من السطات لتصوير الفيلم في الدارالبيضاء، وأزمُّور والجديدَة. هل تؤشرُ روايتك الأخيرة الخونة، الذي تتطرقُ الأوثان والدين. على أزمة روحانية لديك؟ كلَّا، على الإطلاق. إذْ هناك فِي كلِّ أعمالِي بعدٌ دينيٍّ. كذاك الذِي أستلهِمُهُ من والدتِي، ومن الشعب. أردتْ أنْ أؤَلِّف بينَ ما هوَ خالصٌ قحٌّ وما هُوَ غيرُ ذلك. هل تناضل من زاوية "المسلمِين التقدميين"؟ أنَا أعتبرُ نفسِي مسلمًا حرًّا. وَلا أنضوِي تحتَ لواء أيَّة مجموعة "للمُسلِمِين التقدميِّين"، كما أننِي منافحُ بإيمان عن العلمانيَّة. هل لا زلت تخرج لجولات في باريس منذُ استلمت جائزة فلُور؟ أنَا أكرهُ الخروج. إذْ لا أذهب إلى الحانات. ولا إلى العلب الليليَّة. كما أبتعدُ عن العشاءات الباذخة التِي أجدُها مملة. فأنَا أحبُّ ملازمة البيت كثيرًا. يبدُو أنَّ الربِيع العربِي" لمْ يَسْمَحْ بتوسيع الحريات الفرديَّة، سيمَا فيما يتعلقُ بالجنس. هل أُصِبْتُمْ بخيبَة أمل؟ كلَّا ثمَّ كلَّا، ثورة العقليَّات العربيَّة آخذةٌ فِي التشكل في هذه اللحظة؛ في مصر والمغرب وغيرهما. وبالتالِي؛ لا ينبغِي تركُ المعركة المرتقبة، بهذه السرعة.