لا زالتْ تبعاتُ "الربيع العربِي" تنذِرُ بالكثير، وفقَ ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز الأمريكيَّة"، التِي تحدثت عن إمكانيَّة إعادة رسمِ الخريطة السياسيَّة في بلدان الحراك، بصورة تفضِي إلى تقسيمهَا إلى عدَّة دوليَات، فِي أعقابِ ما عرفته من انقسَام، حُيَال حكَّامهَا الجدد، وهشاشة توافقهم على من خلفوهم. بدءً بسوريا، توقعت "نيُويورك تايمز"، أن تنقسمُ البلاد التي تحولت ثورة أهلها السلميَّة المطالبة بالحريَّة لحربٍ أهليَّة، إلى ثلاث دولٍ، بسبب الصراع المذهبِي والدينِي؛ واحدةٌ منها للطائفة العلويَّة التي حكمت البلاد لعقود، وينتمِي إليها بشَّار الأسد، حيث رجحت الصحيفة أنْ ينشئَ العلويُّون دولتهم فِي الساحل السورِي على المتوسط، إلى جانب دولة للأكراد تمتدُّ لتلتئمَ بكردستان العرَاق، على أن ينضمَّ سنَّة سوريَا إلى المحافظات السنيَّة في العراق، لتشكيل دولة "سنستان". أمَّا العراق الذِي يعانِي سلفًا، من نعرات طائفيَّة حادة غذَّاها الغزو الأمريكي، فمن المرجح، وفق الصحيفة الأمريكيَّة، أنْ يتحدَّ شماله مع شمال سوريَا، في دولة "الأكراد"، على أن يذهبَ الوسط "السنِي" إلى الوحدة مع سنة سوريَا، فيما سيبقى جنوب البلاد للشيعة. وبشأن ليبيَا، فتوقعتْ "نيويورك تايمز" أنْ تدفع بها النعرات القبليَّة إلى الانقسام إلى 3 دوليات، واحدة في الشمال الغربِي للبلاد، عاصمتها طرابلس، وأخرى في الشرق تتبعُ لبنغازِي، زيادة على دولة "فزان"، التابعة لسبها، التِي عرفت بولائهَا للقذافِي، خلال ثورة 17 فبراير ضد نظام القذافِي. أمَّا اليمن الذِي يُعانِي الفقر والانقسام، فمن المرجح حسب الصحيفة ذاتها، أنْ يصبح يَمَنَيْن، يمنٌ شمالِي، وآخر جنوبِي، على أنْ تتجزأَ السعوديَّة بدورها، بسبب المذهبيَّة والقبليَّة، إلى خمس دوليات، "وهابستان" في الوسط، وأخرَى في الغرب تضمُّ مكة والمدينة وجدة، ودويلة في الجنوب، وأخرى في الشرق مع الدمام، إلى جانب دويلَة أخرَى في الشمَال. يما يرجحُ أنْ يصبح اليمن بأكمله أو جنوبه على الأقل جزءً من السعوديَّة، التِي تعتمدُ تجارتها بالكامل تقريبًا على البحر، حيث إنَّ من شأنِ إيجاد منفذٍ على بحر العرب أن يقلل الاعتماد الكامل على مضيق هرمز، التي تخشى السعودية من قدرة إيران على الاستيلاء عليه وحرمَان دول الخليج من عبوره. ورأى محللو الدراسة بأن التفتت وسلسلة الانقسامات الناجمة عن النزاعات والخلافات الإثنية والطائفية، سيعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد في صورة أكثر مأساوية منذ معاهدة "سايكس بيكو" في عام 1916 . وجدير بالذكر أن هذا التقسيم الذي ذكرته جريدة نيويورك تايمز نقلا عن مركز دراسات تابع لها، قد استثنى الجزائر من الدول المعرضة للتقسيم بالرغم من الصراعات والنزاعات التي تهز تركيبتها المهددة بالانقسام والانشطار.