أثارت التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس حول ترحيل الغجر الروم إلى بلدانهم الأصلية (رومانيا وبلغاريا)، واستبعاده لحل مشكلتهم عن طريق الإدماج، انتقادات واسعة من لدن المنظمات الحقوقية الفرنسية واللجنة الأوروبية. كما خلفت هذه التصريحات استياء داخل الأوساط الأوروبية على اعتبار أن الغجر الروم الذين أضحوا مواطنين أوروبيين بعد انضمام رومانيا وبلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي ، من حقهم التنقل بحرية داخل بلدان الاتحاد بموجب المعاهدة المؤسسة له. واعتبر مانويل فالس، في تصريحاته، أن قلة قليلة فقط من الغجر بفرنسا قادرة على الاندماج في المجتمع، "أما الآخرون فيجب ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية"، قائلا "مخطئ من يعتقد بأن هناك إمكانية لحل مشكلة الغجر عن طريق الاندماج"، مضيفا أن سياسة الاندماج لا يمكن أن تنجح إلا في "بعض الحالات"، مؤكدا عدم وجود حلول أخرى غير تفكيك مخيمات الغجر وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. ولم تسلم تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، من الانتقاد حتى من قبل زملائه في الحكومة إذ سارع البعض منهم الى دعوته الى تصحيحها باعتبارها "مبالغا فيها" كما جاء على لسان وزير التقويم الإنتاجي أرنو مونتبور. كما دعت وزيرة الإسكان سيسيل ديفلو في تصريح صحفي إلى التفكير في قضية الغجر "بموضوعية" بعيدا عن الأفكار المسبقة، لتنضاف الى موقف الجمعية الفرنسية المناهضة للعنصرية التي اتهمت في بيان وزير الداخلية الفرنسي بتجاوز "الخطوط الحمراء" في قضية الغجر. بدورها دخلت اللجنة الأوروبية على الخط وهددت فرنسا بفرض عقوبات، مذكرة بأن الغجر الروم هم مواطنون أوروبيون يحق لهم التنقل بحرية في كل بلدان الاتحاد الأوروبي،معتبرة انه اذا لم يتم احترام الحقوق الاساسية التي نصت عليها المعاهدات فإنها ستلجأ الى كافة الوسائل الممكنة "لمعاقبة هذه الخروقات بحسب الناطق باسم اللجنة أوليفيي بايلي. غير ان الحكومة الفرنسية أكدت على لسان الناطقة باسمها نجاة فالو بلقاسم أن وزير الداخلية يحظى بدعم الجهاز التنفيذي في تعاطيه مع قضية الغجر ب"صرامة وإنسانية"، معتبرة أن مانويل فالس لم يفعل شيئا سوى أنه ذكر بمشكلة المخيمات الممنوعة التي أقامها الغجر. ولقيت تصريحات مانويل فالس أيضا الدعم من قبل المعارضة إذ بادر رئيس الاتحاد من أجل حركة شعبية جان فرانسوا كوبي الى الدعوة الى تشديد المراقبة على الحدود على غرار بريطانيا وهولندا من اجل التصدي للهجرة غير القانونية للغجر الروم، مشددا على ضرورة الانتقال من الأقوال الى الافعال. وقال إنه يتعين على الحكومة أن توضح كيفية ترحيل الغجر في وضعية غير قانونية، مؤكدا أن هذه القضية يجب معالجتها من قبل الرئيس فرنسوا هولاند الذي يتحدث باسم فرنسا بخصوص القضايا الأوروبية. وكانت فرنسا قد رحلت سنة 2009 نحو عشرة آلاف من الغجر الروم الذين يعتمد نمط عيشهم ذو الطابع البدوي على الترحال، حتى أصبحوا يعرفون ب"أناس السفر" . ويرجح المؤرخون أن الغجر الروم قدموا من الهند الى أوروبا على دفعات بين القرن السابع والرابع عشر، ويقدر عددهم بما بين 13 و16 مليونا في أوروبا غالبيتهم في رومانيا. وهم يعانون من ظروف عيش قاسية كما أن نسبة الأمية والبطالة في صفوفهم مرتفعة بالنظر الى اعتمادهم نمط عيش الرحل. *و.م.ع