سؤال راودني ليلة السبت الفائت،وهو السؤال الذي ربما راود الكثيرين،ولكنني لما بحثت اكتشفت بأن بلحجام نفسه ،علم بالأمرفقط من خلال بعض الذين حضروا تصوير برنامج "نغموتاي" ففوجئوا بعدم وجوده وهاتفوه. "" وبما أنني لا أعرف السيد بلحجام إلا كمشاهد يقوده النبش في التيليكوموند ،إلى "نغموتاي" ،وقد أتوقف قليلا وأمر،أو حتى كثيرا فأتابع حلقة بأكملها،فإنني أجهل سبب الإستغناء،لكن الذي يهمني هنا هو الطريقة اللاّمسؤولة التي تم بها هذا الإستغناء ،دون أن يكلف من نسميهم مسؤولين ،أنفسهم، إخباره ولو برسالة قصيرة،مع أن القيام بالمسؤولية، يعني أيضا، أن يشدوا على يدي من اشتغل معهم ، ولو بهتانا :" شكرا لك ،كنت في المستوى، ولكننا استغنينا عنك ،إلى فرصة قادمة". لكن،جرت العادة، في بلدنا ،أن يفعلها هؤلاء ثم يتخلصون بسرعة من هواتفهم ،وإذا قمنا هذه الأيام ببحث في العبارات الأكثر تداولا في الصحافة المغربية،سنجد :"وقد حاولنا مرارا، الإتصال بفلان ،ولكن هاتفه ظل يرن.."،وهي العبارة المرشحة للمزيد من التداول،إذا مر السبت المقبل وتمادت الأولى في تجاهل بلحجام. والغريب أن عادل بلحجام، قد أظهر من اللباقة في الحديث وطرح الأسئلة، والإنتقال السلس بين فقرة وأخرى، ما جعله يدخل بشكل جيد في أجواء البرنامج،بل أنه استطاع أن يستخرج من ضيوف استضافهم في حصة واحدة مالم يستطعه غيره ،من القناة الثانية، في حصص مختلفة كثيرة. والأغرب كذالك بأن هؤلاء اللاّمسؤولين ،استخفافا منهم بالمشاهد،فإنهم عوضوا بلحجام بالمغنية هناء الإدريسي،ريثما يعثرون على مقدم،يعني، غير سلك حتى نلقاو شي واحد،فكان الحفل،قمة في الركاكة والملل والإرتجالية، وكانت الإدريسي هيكلا بلا محرك،تقلب أوراقا بين يديها ثم تعيد تقليبها ،تنظر وتبتسم،وفي فترة من فترات الحفل،بينما كانت تلح في دعوة الغاوي إلى الغناء : "دابا خصك تغني لينا اشوية"،كان الغاوي وهو يتردد في تلبية الطلب ،يعرف بأن حصة الغناء تلك،تسبقها أسئلة مبرمجة مسبقا،يجب أن تطرحها عليه،إلى أن تدارك معد البرنامج ،الورطة،فحمّل الأسئلة التي كان من المفروض أن تطرحها الإدريسي ،حمّلها الممثلة بشرى أهريش،قبيل ظهورها على بلاطو التصوير،فما إن جلست حتى شرعت في إلقائها على الغاوي الذي بدا بدوره وكأنهم قالوا له : "اعتق إيلا القيتي ماتعتق راحنا غير تانسلكو"،فكان يقف ثم يجلس، ثم يتوجه نحو الجمهور ويعود إلى مكانه، وبين الفينة والأخرى يشير إلى أحد الحاضرين ويصيح :" صفقوا عليه" حتى أوشك أن يسأل نفسه ،ويجيب نفسه بنفسه.. وذروة الإستخفاف أنهم لايكلفون نفسهم إصلاح هفواتهم ،رغم أن البرنامج غير مباشر،إلا إذا كانت هناء الإدريسي ،قد أبدت من ضعف القدرة على الإستيعاب ما لم تُجد معه إعادة التصوير،وقد سمعت مرة من مصطفى العلوي كلاما عن مباشر مباشر،وغير مباشر مباشر، ومباشر غير مباشر،وفهمت ربما أن بعض البرامج تسجل وتبث كما هي ،لكننا إذا صدقنا هذه الشطحات،فما الذي يمنعهم إذن من بثها مباشرة.. ما لم يفهمه عادل بلحجام ،هو أنه في التلفزةالمغربية،حتى إن قالوا لك ،"غيرتطلق وما تخافش"،فإنك إن تحررت أكثر من اللازم ،قالوا:ها هو ذا قد فرعن ،علينا أن نعيده إلى نقطة الصفر،في التلفزة المغربية ،إما أن تجتهد وتجدد وتبدع وتعد نفسك ليوم معلوم،أو أن تفعل كما يفعل الكثيرون، كمشة من الأوراق بين اليدين تغرز فيها عينيك ولا ترفعهما أبدا ،ولاتتحرك،قلب الأوراق وشد عليها جيدا بأصابعك ،ولا تردد في أن تتلعثم وتبدي أنك مرتبك وخائف ،فأنت على الهواء،ولأنك على الهواء فإن من وضعك هناك ،بهواه، قادرعلى إهانتك متى عصفت برأسه الأهواء،ولابأس أيضا من أن تسألهم كلما تطلب الوضع ،عن أشياء، أنت أصلا تعلمها، فقط لكي تشعرهم بأنك لازلت تحت رحمتهم ،وأن رجليك مازال ماخرجوش من الشواري،فإذا حسبت نفسك اجتزت، فإنهم هم قادرون على الإستغناء عنك في أية لحظة ولو "بالتسلاك"، مادام المشاهد المغربي لايعني لهم شيئا على الإطلاق ،وليس صدفة أن يتألق الإعلامي المغربي ،وتحل عقدة لسانه، بمجرد ما أن يحلق في أجواء أخرى ،أنقى وأرحب،بعيدا عن سماء الوطن.. في حفل "نغموتاي" لتلك الليلة،أظن بأن أكثرالمشاهدين ،لما رأوا هناء الإدريسي، ذهب بهم خيالهم إلى الفيديو كليب الفاضح،مع المدعو جو أشقر،وهو من وجهة نظري،أفضح فيديو كليب عرفته الساحة الفنية العربية مؤخرا،وقد عانقها وعانقته، ومر بشفتيه على عنقها، وبجسده على خلفها، واستدارت هي ولامست بجسدها كله، جسده ،ثم تعانقا معا وحملها بين يديه ومشى بها ،و...بقي له فقط أن يضاجعها.. الطريقة التي استغني بها عن عادل بلحجام وتعويضه بهناء الإدريسي،يمكن أن نستخلص منها شيئين : أولهما : التلفزة المغربية تكرس يوميا، بأنها مثالا للعشوائية ،والإستفزاز، وسوء التدبير، والإستخفاف بالمواطن المغربي الذي يبقى دائما عرضة للتجارب الطائشة ونزوات أصحاب القرار. ثانيهما : حضور هناء الإدريسي يؤكد بأنها ومثيلاتها هن النموذج المرجو للمرأة المغربية،وبأن الطريق إلى النجاح،يمر من تحت أمثال جو أشقر..