وجّه نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، انتقادات شديدة للحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، ذاهبا إلى وصفها ب"الحكومة اليمينية التي سيعاني معها الشعب المغربي كثيرا"، كما انتقد تعثر المسار الديمقراطي في المغرب، معتبرا أن المملكة تعيش "ديمقراطية شكلية". بنعبد الله استهل انتقاداته للحكومة خلال تقديمه تقرير المكتب السياسي برسم انعقاد دورة اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، اليوم السبت في الرباط، بالتوقف عن مشروع قانون المالية لسنة 2022، معتبرا أن "استعارة الحكومة مبدأ 'الدولة الاجتماعية' ليس فقط سرقة فكرية موصوفة، بل ينطوي على مغالطات لإخفاء توجهاتها الليبرالية". الأمين العام ل"حزب الكتاب" أصر على تسمية حكومة أخنوش "الحكومة الليبرالية اليمينية"، معتبرا أنها "حكومة ضعيفة ولن تنطلي توجهاتها الليبرالية وسعيها إلى تغطية المصالح الاقتصادية للوبيات الاقتصاد ببعض الجرعات الاجتماعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وبعضها لا فضل للحكومة فيه". واسترسل بنعبد الله في انتقاده للحكومة قائلا إن مشروع قانون المالية الذي أعدته شابته مغالطات سياسية، لأن وزيرة الاقتصاد والمالية، يضيف المسؤول الحزبي، "عندما تقدمت بنقد لاذع للسنوات العشر الأخيرة والحكومتين السابقتين تناست أن لحزبها مسؤولية أساسية في حصيلة هاتين الحكومتين، ومسؤولية كبيرة في تسيير أهم القطاعات الإنتاجية منذ حكومة بنكيران ومع حكومة العثماني". ودعا بنعبد الله الحكومة إلى أن "تصارح الشعب حول كلفة البرنامج الحكومي والخدمات العمومية، وكيفية تمويل المشاريع الإصلاحية في المجال الاجتماعي، وحول مقاربتها في محاربة الفساد والريع والرشوة وتضارب المصالح والغش والتملص الضريبيين، وتوسيع الوعاء الضريبي والرفع من مردوديتها والسير بها نحو الإنصاف"، لافتا إلى أن مشروع قانون المالية "يكاد يغيب فيه أي إجراء حول المسألة الضريبية". ولم يترك بنعبد الله الأسئلة التي قال إن على الحكومة أن تجيب عنها عالقة، بل ذهب مباشرة إلى القول: "إننا لا نحتاج إلى انتظار الأجوبة، لأن الحقيقة ساطعة، وهي أنه لا يجب انتظار شيء من حكومة يمينية سيعاني معها الشعب كثيرا"، وزاد موضحا: "هذه الحكومة اليمينية الليبرالية دشنت مهامها بقرارات مرتبكة، وبوقوفها متفرجة على ما يكتوي به المواطنون من غلاء الأسعار دون مبادرة لحماية الناس من هذا الارتفاع الصاروخي للمواد الاستهلاكية، بخلاف حكومات بلدان أخرى بادرت إلى اتخاذ إجراءات لتخفيف الأعباء عن مواطنيها"، مضيفا: "لن ننتظر التحرك من خصم هو في الوقت نفسه حكم يميل حيثما يميل الرأسمال". من جهة ثانية، توقف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية عند "تعثر المسار الديمقراطي في المغرب"، متسائلا: "هل هناك إرادة حقيقية في مواصلة بناء الديمقراطية، أم إن المغرب بصدد العودة إلى الوراء في هذا الورش الوطني والتاريخي والحاسم بالنسبة للمغرب والشعب؟". وانطلاقا من قراءته للوضع العام في البلاد، اعتبر المسؤول الحزبي ذاته أن المغرب "عرف مسارا إيجابيا على العموم منذ عهد التناوب التوافقي إلى غاية سنة 2011، رغم التردد والمد والجزر والصعوبات الطبيعية في مسار الشعب وتطلعه نحو الديمقراطية؛ لكن بعد النجاح في اعتماد دستور 2011 لم تتم بلورة مضامين الوثيقة الدستورية بالشكل المطلوب". وأردف المتحدث ذاته: "نحن أمام وضع هش من سماته ممارسةٌ ديمقراطية شكلية تفتقد إلى المضمون والعمق السياسيين، بسبب اختراق فضاء الديمقراطية التمثيلية من قِبل أوساط فاسدة، وانسداد الفضاء السياسي والحقوقي، وضعف تأثير الهيئات السياسية والقادة في عمل المؤسسات، وضعف الإعلام العمومي، وتحويل النظام الانتخابي من نظام بطابع سياسي إلى نظام نقدي مالي، مع ترسيخ أن الأحزاب سواسية لوأد التعددية، أي محاولة قتل ثقافة الديمقراطية باعتبارها فلسفة وطريقة للتدبير والحكامة ومجالا للتنافس الحر". بنعبد الله انتقد أيضا القوى السياسية الديمقراطية والتقدمية، معتبرا أنها "لم تستطع تغيير موازين القوى لصالحها لأسباب منها انكماش اليسار وصعوبات الديمقراطية التمثيلية عالميا"، غير أنه بدا متفائلا بشأن تغير هذا الواقع، بقوله مستدركا: "لكن اعتقادنا راسخ بأنها ليست نهاية التاريخ، وبأن المستقبل للديمقراطية واليسار".