« Si pour tout gouvernement, Il est facile de promettre, par contre, il lui est plus souvent difficile, par les temps actuels, de tenir ses promesses. » في أعتى الديمقراطيات تتوجس الشعوب من وعود الأحزاب السياسية والحكومات، ورغم ذلك فرضت الوعود السياسية نفسها كوقود للحملات الانتخابية والعمل الحكومي، خصوصا مع تنامي التسويق السياسي كأنجع وسيلة للتفوق في التمثيل السياسي؛ فبدون وَقُود الوعود لا يمكن الصمود في مضمار المنافسة من أجل الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها. لقد كان موضوع الوعود السياسية ومازال في صميم اهتمامات الباحثين في العلوم السياسية، وفي قلب اهتمامات الكتاب والصحافيين، كما هو الأمر مع الصحافي الفرنسي "فرديناند لوب"، الذي أخذنا عنه المقولة أعلاه. فالوعود الانتخابية وحتى الالتزامات الحكومية في الكثير من الحالات تبقى الآلية والقاسم المشترك بين كل الأنظمة، سواء تعلق الأمر بالديمقراطيات الكاملة، أو الديمقراطيات المعيبة، أو الأنظمة الهجينة، وكذلك السلطوية. في المغرب، كذلك، يتوجس عموم المواطنين والمواطنات من وعود الأحزاب السياسية، خصوصا أن المغاربة غالبا ما كانوا على موعد مع تنصل الكثير من الأحزاب من وعودها، وعجز الكثير من الحكومات المتعاقبة على الوفاء بالكثير من التزاماتها. مع الحكومة الحالية، ورغم أنه من السابق لأوانه استخلاص أي استنتاجات، يبدو أن هناك حرصا من رئيسها عزيز أخنوش على الوفاء بالكثير من الوعود التي كانت في صلب البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده، كما هو الشأن بالنسبة لصندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. فالحكومة الحالية كما أكد رئيسها أمام البرلمان حددت عشرة التزامات كبرى لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ولتمكين المغاربة من تتبع وتقييم الحصيلة الحكومية، وضمنها التزام خاص بالشأن الأمازيغي. وصندوق مواكبة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي كان ضمن الإجراءات التي وعد "التجمعيون" بتنفيذها في إطار التزامهم بإصلاح حقيقي للإدارة وتعزيز رقابة السياسات العمومية وخدمات القرب، وجد طريقه إلى البرنامج الحكومي، حيث نص الالتزام العاشر منه على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص، وضخ ميزانية به تصل إلى مليار درهم بحلول سنة 2025. هذا الالتزام الحكومي، بدوره، تمت ترجمته إلى مادة من مواد مشروع قانون المالية لسنة 2022، حيث نصت المادة 17 منه على ما يفيد بتغيير وتتميم أحكام المادة 36 من قانون المالية 26.04 لسنة 2005 المتعلقة بإحداث الحساب المسمى "صندوق تحديث الإدارة العمومية"، كي يستوعب النفقات المتعلقة باستعمال الأمازيغية في الإدارة العمومية. بعد نشر مشروع قانون المالية لسنة 2022، تساءلت الكثير من الفعاليات عن مآلات وعد إحداث صندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وذهب البعض إلى أن الوعود لا تلزم إلا من وثق بها، وأكد البعض الآخر أن المادة 17 من هذا المشروع في حاجة إلى توضيح وشرح مضامينها حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود. نعم، هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات دقيقة، لأن من شأن المرور عليها وتركها جانبا إحاطة المشروع برمته بالكثير من الغموض وسوء الفهم، وحرمان مشروع الصندوق من الالتقائيات الإيجابية المنتجة للقيمة المضافة. لكن، وجب القول إن واجب توخي الموضوعية يستوجب انتظار التفسير القانوني للمادة 17 من مشروع قانون المالية من طرف الحكومة، حتى تتضح الأمور ونتمكن من الإحاطة علما بإجاباتها عن مجموع الأسئلة المحيطة بإحداث صندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. ومن جملة هذه الأسئلة هناك أربعة منها تفرض نفسها بإلحاح: هل يتعلق الأمر بصندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، أو بصندوق مواكبة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟. إن كان الأمر يتعلق بصندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية فسيكون عليه تحمل جميع النفقات ذات الصلة بالمتعين القيام به من طرف الدولة، والمنصوص عليه في القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. في هذه الحالة يمكن القول إن الحكومة أخطأت تقدير كلفة المتعين القيام به، لأن ميزانية الورش المُنْصفْ لتعليم اللغة الأمازيغية، وحده، تتجاوز بكثير مبلغ المليار درهم على خمس سنوات. أما إن كان الأمر يتعلق بمواكبة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية (ونسطر على مواكبة)، من خلال توفير الظروف الملائمة لاستعمال الأمازيغية في الإدارة العمومية وتنمية وتعزيز قدرات الموارد البشرية العاملة بالإدارات العمومية في مجال التواصل باللغة الأمازيغية مع المرتفقين المتحدثين بها، فإن المبالغ المرصودة لصندوق المواكبة قد تفي بالغرض في حالة مراعاة مبادئ الحكامة الجيدة على مستوى تدبير الصندوق. هل تخلت الحكومة عن إحداث صندوق مواكبة/تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، كما أشار إلى ذلك بعض مفسري مضامين المادة 17 من مشروع قانون المالية، وأُدْرجَتْ النفقات المتعلقة باستعمال الأمازيغية بالإدارة العمومية في الصندوق المرصود لأمور خصوصية المسمى "صندوق تحديث الإدارة العمومية"؟. إن كان الأمر كذلك فما مصير الالتزام الحكومي بشأن الأمازيغية، الذي نص على أنه "لتمويل ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية تحدث الحكومة صندوقا لهذه الغاية، ابتداء من سنة 2022، كآلية مالية للدولة من أجل إدماج الأمازيغية في مجال التشريع والمعلومات والإبداع الثقافي والفني، فضلا عن استعمالها في الإدارات وفي مجموع المرافق العمومية"؟. في حالة إدراج النفقات المتعلقة باستعمال الأمازيغية بالإدارة العمومية في صندوق تحديث الإدارة العمومية، ألا يتعلق الأمر بتقزيم الالتزام الحكومي بشأن الأمازيغية، وإقبار اللجنة الاستشارية الوطنية واللجان الاستشارية الجهوية التي التزمت الحكومة بإحداثها لتعزيز حكامة الصندوق؟. هذه بعض من الأسئلة التي يجب التوقف عندها من طرف الجهات الوصية على الملف داخل الحكومة، حتى يكون الورش ملتزما بمبادئ الحكامة التي ركز عليها رئيس الحكومة غير ما مرة. على سبيل الختم المتتبعون للشأن الأمازيغي يعرفون أن "صندوق مواكبة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية" كان ثمرة عمل تشاركي، أسس للالتقائيات الإيجابية بين حزب التجمعيين، بقيادة عزيز أخنوش، وفعاليات من الحركة الأمازيغية، عمل تشاركي بدأ منذ أربع سنوات في رحاب "منتدى أزا فوروم" الذي أسس أعماله على الإنصات والتواصل ونكران الذات. ويظهر من خلال القلق الذي استبد بالكثير من الفعاليات جراء تطورات ملف الصندوق أن نجاح الحكومة في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يحتاج إلى الإنصات إلى فعاليات المجتمع المدني والتواصل معها وإشراكها في الدفع قدما بأوراش تفعيل رسمية الأمازيغية.