لا يمكن لأي كان وبأي شكل من الأشكال أن ينكر ما أسداه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (ايركام) منذ تأسيسه سنة 2001 للغة والثقافة الأمازيغية في بلادنا. هذه المؤسسة قدمت خدمات جليلة للموروث الأمازيغي في مجالات الجمع والتدوين والدراسة، عطفا على تشجيع الإبداع والإنتاج الأدبي والفني والأكاديمي على مدى عقدين من الزمن. لن نعود إلى سياق تأسيس المعهد والنقاش الذي أثاره آنذاك في صفوف الحركة الأمازيغية لأنه ليس موضوعنا من جهة، ثم لأن المجال لا يسع لذلك من جهة أخرى، كما لن نغوص في طبيعة وخلفيات الانتقادات التي وجهت ولا تزال للتدبير العام للمؤسسة لأنها ستكون محل اختلاف في المنطلقات والمرامي. ما يهمنا في هذا المقام، إثارة الانتباه إلى ضرورة صناعة التغيير داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتجاوز طرق العمل التي عمّرت لما يزيد عن عقدين، وحتمية تبني مقاربات واستراتيجيات جديدة تعي المناخ الجديد الذي تعمل فيه المؤسسة، خاصة مع دسترة وترسيم الأمازيغية والمصادقة على القوانين التنظيمية لتفعيل الطابع الرسمي؛ تغيير لا يمكن تصوره بدون ضخ دماء جديدة في فريق عمل المعهد. يجب أن نعترف، وبعيدا عن كل تناول ذاتي أو فهم اختزالي، بأن المعهد في حاجة ماسّة إلى إحداث التغيير في العديد من آليات وميكانيزمات العمل؛ تغيير يفترض أن يشمل من بين ما يجب أن يشمله مستوى قوى القيادة، لأن القيادة هي التي تصنع الاحترافية المهنية لدى فريق العمل. لا يجب أن يفهم من ذلك أننا ننتقص من وزن هذا أو ذاك، بل إن توسع المشاريع وتشعبها، الذي فرضته مقتضيات تفعيل الطابع الرسمي، يجعل تغيير القيادات أمرا حتميا لخلق مناخ جديد يتجاوز الرتابة ويفتح الباب أمام عقليات جديدة تستطيع التأثير على فريق العمل من أجل تحقيق أهداف المؤسسة وكسب رهاناتها. إن تجديد القيادات ضرورة حتمية إن نحن أردنا حصد النجاحات؛ فالقيادة عملية أساسها التأثير الإيجابي أو السلبي على الفريق، ومن هنا وجب الحرص على التداول على القيادة لأهمية ذلك في التأثير، ولن نبالغ إن زعمنا أن سلطة الكاريزما والشخصية أقوى من السلطة الرسمية للقائد، مما يفرض بشكل أو بآخر إعطاء الفرصة للمؤسسات للاستفادة من المؤهلات القيادية والاتصالية المتنوعة. بالمختصر المفيد، نؤكد على حاجة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى تشحيم عاجل لمحركه، بل وتغيير بعض قطع غياره، وتطعيم فريقه بقامات وهامات علمية غنية عن كل تعريف وصل صيتها إلى العالمية، هذا الموقف لا يستند إلى انطباع شخصي بقدر ما يستند إلى أساس موضوعي قوامه حتمية التغيير.