احمل الراية عاليا ومت في سبيل الوطن.. اصرخ بحياة البلاد وجد بالدم والمال.. ابذل جهدك ونافس ثم اربح.. امسح عرق السباق وانفث زفرة الانتصار.. لكن لا تحلم يوما بحمل الوسام.. فوطني إنسان شعبي لا يملك سلطانا على حركات خصره كلما تحرك" البندير" لكنه حالما يسمع القرآن,يفزع خائفا ومهرولا ليتدثر,مرتعدا..لذلك احرق دفاترك وكتاباتك,اطمس هويتك واعتقادك,وأشعل النار في جوائزك وانجازاتك .. فوطني إنسان عامي يكره صوت القرآن متطيرا,لكنه يحب أجواء الفرفشة والرقص والغناء,وطني يقرن القرآن بالموت والعزاء,أما الصياح والنهيق فيصنفه في صفوف المجهودات الواجب تقديرها وتكريمها.. وطني أب زهواني اخضر العين,يظهر الفقر والحاجة والفاقة لأبنائه,لكنه أمام ال"براني" يفتح مغارة علي بابا,ليعلق ملاييره على جبين من يتلوى فنيا ويصرخ ,حركات لطالما تلواها صغاره جوعا وصرخوا ,لكنه يعرف كيف يحرك القدر الخالي للقريب,ويسفر عن كنوز بيت الخزين للبعيد.. وطني مصاب بعمى الألوان لا يرى إلا اللون الأحمر من بين كل الألوان ,احتاج لنظرة من وطني لذلك سأحمل رايات عمية واصرخ بعبارات دامية ونارية,ثم بعد ذلك أعود متباكية ومعانقة صدر الوطن الغفور الرحيم..فوطني يزن بمكيالين لوني رايته ,لون اخضر يحتفظ به لتغطية الأضرحة والقبور والمقبورين,أما اللون الأحمر وحامليه فإنهم يتناوبون على حلب الأمة بالتربع على كراسي سامية معانقين حقائب نفيسة.. وطني يفغر فاه أمام اللحم الأجنبي الأبيض مشدوها ,لذلك يا ابنة المسيد ارم اللوح الخشبي المزدان بآيات القرآن,وأطلقي العنان لشعر غجري مجنون,اعتلي معالي الأحذية ,ولوني الوجه بصنوف ألوان الطيف,افتلي الشعر انشوطات واخنقي بها أنفاس المشاهد بلا رحمة,وفاتحي باب التحضر أمام كومة اللحم الصدري والوركي,فوطني رجل بدوي يكره ويحتقر المرأة" الملوية" في طن من الألبسة, فيسخرها للأعمال الشاقة المؤبدة ,لكنه مستعد لبيع آخر لباس داخلي ترضية لخاطر الكاسية العارية.. وطني فلاح تقليدي,يعلق محراث الأرض بأكتاف أبناءه ويسقيها بعرقهم لكن في وقت الحصاد والقطف,يختار للبيت كل متردية ونطيحة وما أكل منها السبع,محتفظا بالأجود والأفضل للتسويق .. وطني إنسان يخمر الخمير ويعجن العجين بحرص وأناة ,ضاربا يد متطاولة لصغير من صغاره ,لكنه على استعداد لطهو الخبز وتقديمه لكل من يحمل جواز سفر أجنبي.. وطني إنسان متعلق بالإعلام وبنشرة الأخبار,لا يصدق من الواقع إلا ما تجود به النشرات المتعاقبة ,لذلك لا يصلي ألا حينما يسمع الأذان المعلن من الرباط , تراه ينظر مبهورا لأناس أطلق عليهم لقب" مقاومون" غير آبه بما يردده أحفاد من عاصر العصر وشهد الوقائع من تقتيل هؤلاء الخونة لكل من جاهد المستعمر ودحره ,فما دام الإعلام يقول: هؤلاء هم المقاومون,فهو يردد ما يقال بعيون منومة وعقل مغسول.. وطني فقيه بدوي, يعرف ضرورة التقرب من المؤلفة قلوبهم, والعائدين والملتحقين, لكنه يغفل عن المجاورين له, فتجده يحمل الطعام والكساء للبعيد متوددا متجاهلا الأقرب منه بابا..