نقطة الجمع بين المسؤوليات التمثيلية ما زالت انشغالا حقيقيا للمواطنين والتشريع المغربي؛ فبعد جدل استقالة نبيلة الرميلي من وزارة الصحة، بسبب عمودية البيضاء، توسعت دائرة المنادين بتعديل قانون تنظيم أشغال الحكومة. ويتضمن القانون 065.13، المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، بياضات بخصوص الجمع بين منصبي وزير ورئيس جماعة، رغم دعوات التعديل السابقة. وكان حزب الاستقلال تقدم بمقترح قانون تنظيمي بتغيير المادة 32 من القانون التنظيمي رقم 065.13، وذلك بهدف توسيع حالات التنافي لتشمل العضوية بالحكومة ورئاسة أي جماعة ترابية أو غرفة مهنية. في المقابل، ووقفا للمرسوم رقم 2.21.510 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 7002، فإن صفة رئيس لإحدى 13 مدينة كبرى أصبحت تتنافى مع صفة عضو في مجلس النواب أو مجلس المستشارين، ويتعلق الأمر بكل من طنجة وتطوان ووجدة وفاس ومكناس والعاصمة الرباط وسلا وتمارة والقنيطرة والدار البيضاء ومراكش وآسفي وأكادير. ضغط الأحزاب أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، قال إن المشرع منذ سنة 2011 بدأ يتجه تدريجيا نحو تكريس حالات التنافي بين المؤسسات التمثيلية. وأضاف السعيد، في تصريح لهسبريس، أن "رئاسة الجهة تتنافى مع رئاسة الحكومة، ورئاسة الإقليم مع رئاسة الجماعة، وهذا يأتي من أجل التفرغ والحفاظ على المال العام من تعدد التعويضات". واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أن "التنافي بين العضوية في الحكومة وعمودية بعض المدن، جاء بسبب ضغط الأحزاب أساسا"، موردا أنه "لا يعقل أن تتنافى عضوية مجلس النواب مع الجماعات، والحكومة غير معنية". وشدد السعيد على أن تعديل القانون أمر ضروري من أجل الحفاظ على وحدة الانسجام، مؤكدا ضرورة التدخل وتكريس التنافي في جميع المؤسسات. ضرورة التعديل عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، أشار إلى أن "هذا القانون هو إرث فرنسي، لكن الوضع المغربي لا يشبه الوضع في تلك البلاد على الإطلاق"، معتبرا أن القانون المغربي يجب أن يواكب تطورات المجتمع. وأضاف العلام، في تصريح لهسبريس، أن "المجتمع أصبح يرفض بشدة استمرار الجمع بين المسؤوليات، وبالتالي وجب التدخل للتعديل"، مشيرا إلى أن هذا الأمر يطرح إشكالات قانونية عديدة. وأوضح الأستاذ الجامعي أن "المتتبع لمسارات ضعف الحكومات بالمغرب، يدرك تماما أن باقي الذين يزاوجون بين مهمتين سيتخلون هم الآخرون عن واحدة"، متوقعا أن يكون تخلي عزيز أخنوش عن جماعة أكادير مسألة وقت ليس إلا. وأردف العلام أن "الحكومة ولو اشتغلت بشكل جيد ستأتيها الانتقادات من هذا الباب، وبالتالي سيتم العمل بالمثل المعروف: الباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه واسترح".