من هو سعيد بن سديرة؟ سؤال تفرضه الخرجات الأخيرة لهذا الكائن الافتراضي في وسائط الاتصال الجماهيري، والذي لا يتوقف عن النباح عبر وسائل المنصات التواصلية، ولا يمل من الشتم والتهديد لأناس لا تربطه بهم أي علاقة، ومنهم من لم يلتقيه ولو مرة في حياته، فيتعرض لأعراض النساء ويقذف الرجال في نسبهم على الرغم من أنه أوسخ شخص. فمن هو، إذن، هذا الكائن الذي شغل مؤخرا شبكات التواصل الاجتماعي بالضجيج والسب والتقريع، مدعيا أنه صحافي، وهي الكذبة الأولى التي سنكشفها للقراء والمهتمين. سعيد بن سديرة، بوق النظام، لم يكن يوما صحافيا؛ بل هو مجرد مخبر لدى المخابرات الجزائرية بدرجة "وسيط في البغاء" يكتب تقارير عن زملائه، فهو لم يتحصل على أي شهادة جامعية تؤهله للعمل كصحافي، لأنه كان يفضل الليالي الحمراء مع كبرانات "الدياراس" (دائرة الاستعلام والأمن)، وهي تسمية المخابرات وقتها، على دراسته ليجد نفسه في آخر المطاف مطرودا، فتدخل له أحد عرابيه لكي يعمل بجريدة "الشروق" الجزائرية، وطبعا لم يجد له مالك "الشروق" وقتها أي مكان سوى تكليفه بالرد على بريد القراء. فكلما تكلم أو جادل الناس حول مستواه الصحافي يسارع بن سديرة أو بن قصديرة، كما يسميه البعض، لينشر قصاصات ورقية من جريدة الشروق، تظهره في صورة مع الزعيم الراحل ياسر عرفات والشاعر الراحل محمود درويش، وهما لقاءان أجراهما مع هاتين الشخصيتين الفلسطينيتين نظرا لعلاقته مع فريق الكابرانات التي كانت تشرف على حراسة هاتين الشخصيتين! وإلا كيف يكلّف مدير "الشروق" صحافيا مبتدئا بإجراء مثل هذا الحوار ويترك زمرة من الصحافيين المرموقين التي كانت تعج بهم جريدة "الشروق"؛ وأولهم الصحافي سعد بوعقبة، المعروف آنذاك بكتاباته في عمود "صيحة سردوك" الشهير، أو حتى المدير علي فضيل نفسه؟ وهنا نقدم له تحديا صغيرا أن ينشر لمتابعيه شهادته الجامعية في الصحافة أو العلوم السياسية، أو حتى دبلوم مثل الذي حصل عليه أمير بوخرص المعروف بأمير ديزاد، والذي يزايد عليه المخبر سعيد بن سديرة بدعوى أن مستواه لا يتخطى سقف الابتدائي. وطبعا، لن يفعل ذلك ولن يجاري هذا التحدي؛ لأنه يعرف جيدا عقوبة التزوير واستعمال التزوير، خصوصا في مقامه الحالي بالعاصمة لندن. وهذه تهمة يمكنه أن يضيفها إلى سجله المدنس والحافل بالجرائم. يعترف سعيد بن سديرة أو المخبر الأسود، كما هو لقبه الحركي عند المخابرات والشعب الجزائري، بفخر كبير بأنه كان وما زال مع "القمع"! ولأنه أحمق، فهو يورط نفسه بالانتماء إلى فرق الموت التي كانت تقتحم البيوت وتستعمل الرونجارس، الذي يسميه الجاهل بالروجاس وهذا لجهله باللغة الفرنسية التي لم يتسن له إجادتها، على الرغم من أن جيله يتحدث الفرنسية بحكم الدراسة في الجزائر، والتي تدرس فيها لغة موليير من الثالثة ابتدائي. لكن سعيد بن سديرة لا يتقن الفرنسية والإنجليزية، على الرغم من أنه أمضى إلى حد الآن أكثر من عشر سنوات في لندن. وهنا، نقدم له تحديا آخر بحجم أقل، وهو أن يطل على متابعيه بعشر دقائق فقط ويتحدث باللغة الإنجليزية؛ لكن أكيد لن يقدر على ذلك، وفاقد الشيء حتما لا يعطيه. ولعل من الجرائم التي ارتكبها في حق الجزائر، والمحكوم عليه فيها رسميا من أجلها، هي التهجم على مسكن الغير ومحاولة ارتكاب جريمة اغتصاب؛ لكن العدالة الجزائرية لم تستطع تنفيذ الحكم وقتها، لأنه كان تحت حماية الكابرانات وهم الاسم الشائع لجنرالات الجزائر.. وهذا الحكم لم يسقط مثلما هي أحكام أخرى صدرت في حقه، والتي كان آخرها ابتزاز رجل أعمال. وبعد أن عاث فسادا في الجزائر، كثرت الأحكام في حق سعيد بن سديرة، اضطر إلى الهروب نحو إحدى الدول الخليجية، خصوصا بعد تحجيم سيطرة المخابرات عقب وصول بوتفليقة إلى سدة الحكم، فلم يجد طريقا إلى القوادة والوساطة في البغاء؛ لكن ذيل الكلب لا يعتدل، كما يقول المثل العربي الشائع. فما إن وصل سعيد بن سديرة إلى هذا البلد الخليجي حتى بدأ يمارس هوايته المفضلة، فهو مهووس بالعمل المخابراتي منذ صغره، وحلمه كان دوما أن يكون جاسوسا؛ لكن القدر جعل منه مخبرا مصنفا في الدرجة الثانية. وفي مقامه بالخليج، اكتشفه أحد ضباط المخابرات البريطانية داخل إحدى الحانات، وبدأ يشغله للتجسس على بعض الشيوخ. فبن سديرة قدّم نفسه على أنه "سديري"، وتعود أصوله إلى شبه الجزيرة العربية. وهذا الاشتقاق الاسمي المزور خدمه كثيرا؛ لكنه سيفشل مرة أخرى في هذه المهمة، مع عقوبة أقسى من الطرد وهي المنع من الدخول إلى أي بلد خليجي. لا تنتهي مكائد هذا المخبر الأسود، فقد أقنع الضابط البريطاني المشرف عليه بأن بإمكانه أن يكون مفيدا في عملية اختراق المعارضة الإسلامية في لندن. وطالب على إثر ذلك باللجوء السياسي الذي تحصل عليه، على الرغم من أن هذا السديري المزعوم لم يمارس أي عمل سياسي من قبل يعرضه للأذى أو الاضطهاد في الجزائر؛ بل هو من كان يؤذي الجزائريين ! ويبقى حصوله على اللجوء السياسي من الأمور التي يجب وضع ألف خط تحتها، فكيف لمن يُسبح صباح مساء بحمد الكابرانات أن يكون لاجئا سياسيا؟ وفي لندن، سيحاول سعيد بن سديرة الاقتراب من قناة "المغاربية"، أو بالأحرى اختراقها؛ لكن أصحاب هذه القناة تفطنوا للدور الرخيص الذي يلعبه، فتم غلق أبواب القناة في وجهه. وبعدها أراد أن يقترب من الدبلوماسي السابق محمد العربي زيطوط؛ لكن هذا الأخير تم تنبيهه من طرف مسؤولي قناة "المغاربية"، فقطع زيطوط علاقته به بشكل ودي ودبلوماسي. لكن سعيد بن سديرة، الحالم بالجاسوسية التي لم يغنم منها سوى بمهمة مخبر من الدرجة الثانية، سوف لن ييأس بعد كل هذه الانتكاسات، إذ سيتوجه هذه المرة نحو الضابط أحمد شوشان، النقيب السابق بالقوات الخاصة الجزائرية، والذي لقي منه التعامل نفسه؛ فالكل وجده إنسانا فارغ الا ثقافة له، ولا أخلاق ولا مناقب... بل حتى الكابرانات الذين يشغلونه أو يستعملونه في حروبهم الداخلية كانوا يلقبونه بالمرحاض أي WC أكرمكم الله.. وفعلا، هو كذلك؛ لأنه لا يستحيي، فيرتشف أمام متابعيه الكوكا بالويسكي مما يجعله فاقدا لتركيزه، فيسقط في الرذالة والبذاءة، ويحاول كل مرة الاعتذار بعد أن يسترجع وعيه؛ لكن العربيد يعود دوما إلى عاداته السيئة أمام متابعيه. وفي سياق متصل، حاول سعيد بن سديرة التعرف والتقرب من الصحافي القدير هشام عبود، صاحب كتاب "مافيا الجنرالات"، الذي هز أركان الجزائر في بداية الألفية؛ لكن النقيب السابق في المخابرات والصحافي المتميز اكتشف بخبرته أنه أمام مخبر صغير، فلم يعد يرد على اتصالاته المتواترة، ما جعل بن سديرة يجن جنونه، فحوّل كل من هشام عبود إلى عدوه الأول ومحمد العربي زيطوط إلى عدوه الثاني في تصنيف العداوات التي أطلقها في وسائط الاتصال والشبكات التواصلية. لم يكتف بن سديرة بهذا القدر من "الضحالة واستهداف المعارضين"؛ بل أراد التقرب من شاب حراك "مهاجر سري"، ليستفيد من نسبة مشاهداته المرتفعة على "فيسبوك"؛ لكن حتى هذا المهاجر السري لم يجد فيه أي نخوة ولا شرف، بعد أن فضحه أمام الجميع وكشف أنه قادر على أن يخون زوجته أم أبنائه ويصورها في وضعية مشينة. فهل يُؤتمن من يدوس على شرفه؟ فهل شخص بمثل هذه المثالب يمكن أن يكون مدافعا عن أمن بلده؟ لكم الإجابة ! وبعد أن اشتد الصراع بين الجنرال توفيق وعصابته، وبين رئيس الأركان السابق القايد صالح، اضطر سعيد بن سديرة إلى الوقوف والاصطفاف مع جناح توفيق، ليس حبا فيه ولا وفاء له؛ لكن لأنه يعرف جيدا أن هذا الجناح الاستخباراتي كان يملك كل ملفاته الوسخة المؤرشفة عندهم إلى حين. وبالرغم من كل ذلك، فقد أراد سعيد بن سديرة أن يقترب من أحد رجال الأعمال الفاسدين في لندن، قصد طلب لقاء مع رجل الأعمال علي حداد وأخذ صورة معه ظنا منه أنها ستشفع له عند السعيد بوتفليقة؛ لكن عليا الحداد، المسجون حاليا بتهم الفساد، عرف من مقربيه أن المعني بالأمر ليس سوى مخبر من الدرجة الثانية ولا فائدة من إضاعة الوقت معه، وأنه محسوب على جناح توفيق، فلم يرد رجل الأعمال على طلبه ولم يحقق له أمنية التقاط الصورة المطلوبة. من المؤكد أنه لا يمكن سرد كل أكاذيب وهرطقات سعيد بن سديرة في حلقة واحدة؛ فالوساخة أكبر من واد الحراش بالعاصمة الجزائرية المعروف برائحته، التي تصل إلى كيلومترات عديدة. لهذا، سنسردها في حلقات، ونتأسف لقرائنا من البذاءة التي سنسردها وحجم "الرخص" الذي بكل صراحة لم نعهده في الشعب الجزائري؛ لكن الحقيقة المرة هي أيضا وسخ !