المغاربة يتجاذبهم الحلمان الأمريكي والكندي "" أمريكا اختارت عشوائية القرعة في الوقت الذي نهجت فيه كندا سبيل الهجرة المختارة بدأت حرارة حمى "البطاقة الخضراء" الساحرة تدب في أجساد الملايين من المغاربة الحالمين بالهجرة إلى بلد العم "سام"، فقد اقترب موعد ملء الاستمارات على الموقع الرسمي المخصص لذلك، والعديد من المكتبات ومقاهي الأنترنيت أطلقت حملة إشهارية لاجتذاب الزبناء الذين لهم رغبة التسجيل. ولولا فشل مشروع إصلاح الهجرة الأمريكية لكانت السنة الماضية آخر دورة في عمر القرعة العشوائية التي تمنح حق الإقامة والعمل غير المحدود في الولاياتالمتحدة. وكان هذا الموضوع من أسخن المحاور في جدول أعمال مجلس الشيوخ الأمريكي خلال العامين الماضيين، إذ وعد الرئيس بوش بإجراء هذه الخطوة خلال الفترة الثانية من رئاسته، لكن في النهاية سقط مشروع الإصلاح في تصويت تجريبي في 28 يونيو الماضي ومن غير المرجح أن يوضع على جدول الأعمال مرة ثانية قبل الانتخابات الرئاسية في نونبر من السنة المقبلة. وكان الإصلاح سيمنح الإقامة الشرعية لأكثر من 12 مليون مقيم غير شرعي في الولاياتالمتحدة، في عملية كانت ستستغرق وقتا طويلا تقتصر فائدتها بشكل رئيسي على المكسيكيين الذين يعبرون الحدود بصورة غير شرعية. ومن ناحية أخرى، كان الإصلاح سيؤدي إلى صعوبة دخول أفراد أسر المهاجرين الشرعيين إلى الولاياتالمتحدة، وكان سيؤدي إلى القضاء على القرعة الشهيرة والأمل الوحيدة لمواطني العديد من الدول في الهجرة الشرعية إلى الولاياتالمتحدة. أكثر من هذا فإن ورود اسم العديد من المغاربة في أعمال إرهابية حول العالم جعل بعض الأصوات تتعالى داخل أمريكا من أجل حرمان المغاربة من دخول فردوس المسابقة وإقحامهم بالتالي في اللائحة السوداء التي تخص بالأساس بلدان تعتبرها أمريكا تنتمي إلى محور الشر. وفي الوقت الذي تعتمد فيه أمريكا على عشوائية الحظ في استقطاب المهاجرين تسلك كندا منحى آخر مرتبطا بالهجرة المختارة، التي تعتمد على مجموعة من المعايير حددتها بشكل مضبوط ويمكن لأي كان من الراغبين في الهجرة الاطلاع عليها والقيام بتقييم افتراضي على شبكة الانترنيت لمؤهلاته وفرصه للهجرة إلى إقليم كيبك الناطق بالفرنسية، أو إلى الشق الناطق بالانجليزية في كندا. وزيادة في الحرص والتدقيق فقد رفعت كندا مدة دراسة الملفات من سنة ونصف على قرابة خمس سنوات. وتستغل العديد من المكاتب المنتشرة بين الرباط والدار البيضاء على الخصوص، والآلاف من المواقع على شبكة الانترنيت هذا التسابق المحموم نحو الحلم الأمريكي العشوائي والحلم الكندي المختار، واللهفة المغربية للانتقال إلى الضفة الأخرى، من أجل نصب كمائن للزبناء والتغرير بهم من خلال تقديم وعود زائفة وآمال وهمية، إذ لا يمر يوم دون أن نسمع عن مكتب تهجير "ذاب في الطبيعة"، أو مسؤول مؤسسة لاجتذاب اليد العاملة "بات ما صبح". أخبار تحول الحلم إلى كابوس، وتجعل من الأمل الكبير صدمة محبطة يضيع معها آخر قرش في "تحويشة العمر".