بلد الكنانة استحوذت على تتبع كبير من المغاربة، الذين منهم من وهب صفحته على "فايسبوك" لمتابعة جديد الساحة المصرية، إذ أن غالبيتهم تندد ب"جرائم" العسكر، وأقليتهم تبرر التدخلات العنيفة وتراها ضرورة لإنهاء حكم الإخوان، وبين هؤلاء كثرت التعليقات وتشعبت الآراء، وانتشرت صور كلها تحمل اسم مصر، لدرجة أن بعض مغاربة ال"فايس بوك" تحوّلوا إلى مراسلين من قلب القاهرة هذه الأيام، رغم تواجدهم الدائم بمدن المملكة. مقولة تازة قبل غزة لم تتجسد في هذه الأوقات، ومصر صارت على كل لسان.. ميدانا رابعة العدوية والنهضة، ومسجد الفتح.. مرسي والسيسي ووائل قنديل والبلتاجي.. كلها أسماء أماكن وأشخاص تسرّبت إلى ذاكرة المغربية هذه الأيام.. من خلالها تبيّن أن فئات واسعة من المغاربة ترتبط بأم الدنيا، ولو إعلاميا.. وتبحث في الأخبار القادمة منها عمّا ينهي الصراع الدائر هناك، ويحقن دماء المصريين بعيدا عن كلّ المزايدات السياسية. "الأحداث بمصر تتوفر على كل بهارات الإثارة الكفيلة بجعلها محط متابعة مكثفة: الفجائية والتشويق والتراجيديا والتواتر السريع للوقائع مع إمكان المتابعة المباشرة" هكذا يقول خالد البكاري، الأستاذ الجامعي في ديتاكتيك اللغات والناشط الفبرايري، متحدثا عن أن ما يزيد من قوة الأحداث المصرية هي التغطية الإعلامية الواسعة و المباشرة و المستمرة على مدار 24 ساعة التي تتحكم فيها أجندة الجهات الممولة، وهو ما يفرز حسب البكاري وقائع متناقضة مع قناة لأخرى، خاصة مع الكم الهائل للقنوات المصرية وكذلك القنوات الإخبارية التي يتبنى بعضها خطاب جهة معينة من الفرقاء في مصر. إن كان البكاري قد تحدث عن الإثارة فإن أحمد بوعشرين الأنصاري، عن حزب الأمة، يرى أن الحدود لا تستطيع منع نسائم الحرية و تلوثات الاستبداد من العبور والوصول إلى بلدان أخرى غَير البلد محلّ الوقائع، ثم إن المغاربة في نظره تعوّدوا على قيمة التضامن الإنساني والعروبي والإسلامي، خاصة مع "اغتصاب الشرعية الديمقراطية التي أتت بها صناديق الانتخابات المصرية وفداحة الجرائم المُرتكبة في حق المتظاهرين السلميين العزل في اعتصاماتهم ضد الانقلاب الغاشم، والتي لا بد وأن تُحرّك كل من يمتلك ضميرا حيا" على حد قول الأنصاري. وزاد الأنصاري أن من يتضامن مع المصريين لا يُلبس تضامنه ثوبا إيديولوجيا، في تماهٍ مع ما وقع في قضية دانيال التي ندّد فيها آلاف المغاربة بالعفو الملكي، مشيرا إلى أن من صمت في هذه القضية، هو نفسه من يصفق ل"الانقلاب العسكري المصري ويبرر جرائمه ضد الإنسانية"، فالقضية المصرية إنسانية بامتياز ولا مجال فيهما للمقايضة أو التردد في التنديد بصوت مترفع ضد من يهين الكرامة الإنسانية ويغتال الحق في الحياة، حسب المتحدث ذاته. البكاري يعود ليفيد بوجود علاقة وثيقة بين الشأن المصري ونظيره المغربي، خاصة وأن البلدين معا شهدا وصول الإسلاميين للمساهمة في تسيير الشأن العام، والمغرب كذلك يعرف نوعا من الأزمة السياسية داخل الحكومة، والتي تعززت بهجوم القصر على سياسات وزارة التربية الوطنية، يقول البكاري الذي يستطرد بأن هذه الأزمة لا تمنع من الإقرار بجمود الحياة السياسية المغربية بفعل غياب المعلومة و الحذر المبالغ فيه للسياسيين و تحكم فاعل سياسي واحد في إنتاج القرار الذي هو المؤسسة الملكية، مضيفا أن ما يَكسر هذا الجمود، هو بعض الوقائع الغريبة غير الدائمة كالعفو عن دانيال وتوشيح فنانين بقيمة فنية جد متواضعة والزيادة في ثمن الحليب.