"حين استقرَّ خيارِي على ماستر الدراسات الأمازيغيَّة، لمْ يكن الباعثُ لِي حينها ولوجُ الوظيفَة العمومية، بقدرِ ما كانَت الخطوة أملاً في خدمَة اللغة والهويَّة الأمازيغيَّتين، اللتين عانيتا الأمرين لمدة طويلة. بيدَ أنَّ إيجاد كثيرٍ ممن تخرجُوا وأنهُوْا تكوينهم، أنفسهم في أتون بطالة، ما من شيءٍ يبشرُ معها بانفراج، غدا يثيرُ مخاوفَ كثيرة وأسئلة حول جدوى فتح شعبة من الشعب دون تحديد آفاقها"، هكذَا يحكِي خالد أوبلَّا، طالبُ الدراسات الأمازيغية، في جامعة محمد الخامس بالرباط، عن مأساة خريجِي الدراسات الأمازيغيَّة في المغرب. الخشيَة نفسها تتملكُ خديجَة القجدة، التِي حصلت نهايةَ الموسم الأخير على شهادة الإجازة في الدراسات الأمازيغيَّة من جامعة ابن زهر في أكادير، حيث أن عدم ترسيم اللغة الأمازيغيَّة على النحو المطلوب بعد دسترتها في 2011، لا زالَ عائقًا أمام إدماج طلبَة الدراسات الأمازيغيَّة، علاوةً على عدم تعميمِ تدريسها في المرحلة الابتدائية، وبقاء مشروع تدريسها في مرحلة التأهيلِي الثانوِي رهين المذكرة الصادرة". تقول خديجَة. ابنة سوس تقولُ إنَّ من غير المنطقِي أنْ تتم الاستعانة بخريجِي شعبٍ كالعلوم الفيزيائيَّة والتربيَة الشريعَة لأجل تدريس اللغَة الأمازيغيَّة، فيما طلبةٌ قضوْا سنواتٍ من عمرهم في تلقِي تكوين أكاديمِي، يجدون أنفسهم دونَ أفق، وَمعَ إعلان وزارة التربيَة الوطنية عن مباريَاتٍ لولوجِ المراكز الجهويَّة لمهن التربيَة والتكوين، دائماً ما تكُون الأمازيغيَّة غائبَة عن الشعب المطلوبَة، فِي إقصاءٍ غير مقبول". خالد وخديجة اللذان يحكيَان بحنقٍ عن انسداد الأفقِ ليسا إلا طالبين من بين عشراتِ الخريجِين سنويًا، استبشرُوا خيراً بتصالحِ المغربِ مع هويته، وخالُوا أنَّ البلادَ ستكون فِي حاجةٍ إلى أطرَ يقول المسؤولون إنهم في حاجة إليهم، "المعركَة سياسية في المقام الأول، فالمسؤولون يقولون إنَّ الخصاص واحدٌ من العراقيل الماثلة أمام ترسيم الأمازيغية، ونحن رفعنَا التحدِي بأن اتخذنا قرار متابعة الدراسة في مسلك الدراسات الأمازيغيَّة" توضح خديجة. الأمازيغية مسلكاً للدراسة عبَّدَ خطاب أجدير الذِي أقرَّ فيه ملكُ المغربِ في السابع عشر من أكتوبر 2001، بالجوانب المتعددة للهويَّة الأمازيغيَّة، إضافةً إلى إحداث المعهد الملكِي للثقافة الأمازيغيَّة في العام نفسه، (عبَّدَ) الطريقَ أمامَ مزيدٍ من الإنصافِ، تُرْجمَ إلى تدريس الأمازيغيَّة في المرحلة الابتدائيَّة في مدارس كثيرة عبر المغرب، وإن لم يكن ذلك بشكل معمم، بالنظر إلى نقص الموارد البشرية، حسب المسؤولين. وكذا افتتاح مسالك لدراسة الأمازيغيَّة في عددٍ من جامعاتِ المغرب. افتُتِحَ أولُ ماستر متخصص في الدراسات الأمازيغيَّة، بجامعة ابن زهر في أكادير، برسم الموسمِ الجامعِي 2006-2007، تلاهُ في الموسم المالِي ماستر في مسلك الدراسات الأمازيغيَّة في جامعة محمد الأول بوجدة، قبلَ افتتاحِ المسلك ذاته بجامعة محمد بن عبد الله، فِي فاسِ. في غضونِ مواسمِ أربعة، تخرجَ من مسلك الماستر بجامعة ابن زهر لوحدها، 78 طالباً، لا زالُوا يترقبونَ معالجَة وضعهم، وفتح مراكز تكوين الأساتذة أمامهم مثلَ خريجِي باقِي شعب الآداب، كالعربيَّة والفرنسيَّة والإنجليزيَّة. في الوقتِ الذِي يقبل فيه عشراتُ الطلبة الآخرين على التخرج، حيث يتابعونَ 47 طالباً دراستهم في جامعة أكادير، لموسم 2012-2014. أمَّا ماستر الرباط، فينقسمُ إلى فوجين، سيتخرجُ أولهُما خلال السنة الحالية، ب22 طالباً، فيما يدرس في الفوج الثانِي 18 طالباً، يرتقبُ أن يتخرجُوا عامَ 2014. فيما تخرجَ من مسلك الماستر في فاس 78 طالباً، سينضافُ إليهم 22 آخرين، هذه السنة. وفق أرقامَ حصلتْ عليها هسبريس من منسقِي المسالك. علاوةً على ذلك، تضاعفَ عدد المسجلين في سلك الاجازة بأزيد من ثلاث مرات، على أن يتخرجَ هذه السنة حوالي 300 طالب من مسالك الدراسات الامازيغية بالجامعات الثلاث، في الرباطوأكاديروفاس. أفق حالك مسلك الدراسات الامازيغية هوَ المسلك الوحيد الذي لا يتوفر على مخارج مهنية، فرغم تخرج عدة أفواج، وتزايد عدد الخريجين، "فإن وزارة التربية الوطنية لا تكترث بوضعيتهم" يقول خالد، مضيفاً أنَّ شهادة الاجازة في الدراسات الامازيغية لا محل لها من الاعراب في سوق الشغل. في وقتٍ تعزُو فيه الوزارة فشل تدريس الامازيغية إلى غياب الموارد البشرية، بما ينمُّ عن تناقض صارخ، يقول المتحدث. الوزارة الوصيَّة، فتحت في مراكز مهن التربية و التكوين بكل من أكادير ومكناس ومراكش، الباب أمام التخصص في الأمازيغيَّة، حيث سيتخرج في الموسم الحالي2013، ما مجموعه 90 استاذا متخصصا في اللغة الامازيغية بيدَ أنَّ ولوج هذا التخصص بمراكز التربية و التكوين، لا يفتح في وجه خريجِي مسالك الدراسات الامازيغية، ولا يأخذُ خريجِي الاجازة في الامازيغية بعين الاعتبار. فحيث أنَّ ولوج تخصص الأمازيغيَّة، يفرضُ على الطالب أن يمتحن في الرياضيات والعربية و الفرنسية والنشاط العلمي، "أما المعارف العلمية و الاكاديمية التي حصل عليها في ثلاث سنوات الجامعة و التي تخص تكوينه فلا سؤال في نطاقها' يستطردُ خالد. نحو انتزاع الحق في ظل انسداد الافق، وخروجهم بخفي حنين بعد سنواتر من التحصيل، بدأ طلبة مسالك الدراسات الأمازيغيَّة التنسيق على المستوى الوطنِي بين طلبة مختلف الجامعات المغربية. فكانَ انْ نُظمَ لقاءٌ تواصلِي بين العشرين والثالث والعشرين من ماي 2010، تمخض عنهُ تأسيسُ اللجنة الوطنية لمسالك الدراسات الامازيغية. اللجنَة المذكورة سطرتْ برنامجا مهّد لوقفة 08 نونبر 2010 أمام مقر البرلمان. بعد تنظيم عدة وقفات امام الاكاديميات بكل من أكادير ووجدة، كان آخرها يوم 8 ماي 2013 بأكادير. دون أن يشرع باب الحوار، يقول المنضوون تحت لواء اللجنة.