لا تغيير يلوح في الأفق في عقيدة العداء الجزائرية الثابتة تجاه ملف الصحراء المغربية، إذ سارع وزير الخارجية الجزائري المعين حديثاً رمطان لعمامرة إلى استقبال من يسمى "وزير خارجية" جبهة البوليساريو محمد سالم ولد السالك، مع وفد مرافق، لمناقشة تطورات النزاع. ويأتي استقبال الوفد الانفصالي بالجزائر في ظرف أقل من أسبوع على تعيين رمطان لعمامرة وزيراً للخارجية خلفاً لصبري بوقدوم، وهو ما يؤكد أن الدبلوماسية الجزائرية تضع ملف الصحراء ضمن أولى أولوياتها. وقال وزير الخارجية الجزائري إن لقاءه بالقيادي الانفصالي خلال زيارته إلى الجزائر تناول "آخر تطورات القضية الصحراوية وآفاق تسويتها بشكل يضمن حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال" على حد تعبيره. وفي وقت اختار المشاركون ضمن المؤتمر الوزاري لحركة عدم الانحياز المنعقد في باكو، بمشاركة المغرب، الحديث عن التحديات التي تواجه العالم والقارة الإفريقية في ظل استمرار تفشي فيروس "كورونا"، استغل رمطان لعمامرة هذا الاجتماع من أجل نفث سمومه ضد مصالح المملكة المغربية. ودعا وزير الخارجية الجزائري، في مداخلة له، بلدان عدم الانحياز إلى "تقديم الدعم للشعب الصحراوي من أجل تصفية الاستعمار بالصحراء"، بتعبيره. وشدد لعمامرة، في الاجتماع المنعقد عن بعد، على ضرورة "الإسراع في تعيين المبعوث الشخصي إلى الصحراء وإطلاق عملية سياسية ذات مصداقية بين طرفي النزاع، بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم يضمن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي". وانتقد جزائريون عودة رمطان لعمامرة بعدما كان على رأس وزارة الخارجية ما بين فترة 2013 و2017، غير أن النظام الجزائري يعول على خبرته الدولية وعلاقاته مع لوبيات قوية ضاغطة في كثير من الدول التي تراهن عليها الجزائر من أجل إعادة الدبلوماسية الجزائرية إلى الواجهة بعد تراجعها في السنوات الأخيرة. ويُرتقب أن يقوم وزير الخارجية الجزائري الجديد بتحركات على مستوى إدارة بايدن من أجل الضغط عليها للتراجع عن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، الذي شكل أكبر إخفاق لوزير الخارجية السابق صبري بوقادوم. وعبرت وسائل إعلام محسوبة على جبهة البوليساريو عن سعادتها بتعيين رمطان لعمامرة وزيرا للخارجية، وقالت إنه "لا يستبعد أن يحدث تطورات في ملف الصحراء بعودته على رأس الدبلوماسية الجزائرية". أما منابر إعلامية جزائرية فلم تخف أن تعيين لعمامرة جاء لتعطيل التواجد المغربي في إفريقيا، وذلك بعدما باتت المملكة المغربية تتمتع بمصداقية كبيرة لدى أغلب الدول الإفريقية، إذ شهدت السنوات الأخيرة تطورات لافتة في العلاقات الثنائية بين المغرب وعدد من دول القارة.