في خطوة تروم بناء قدرات ومهارات الصحافيين المغاربة في مجال تمنيع الناشئة من التطرف في بعده الرقمي، التأم 20 صحافيا من منابر إعلامية وطنية ودولية مختلفة بمقر الرابطة المحمدية للعلماء بالرباط طيلة ثلاثة أيام في ندوة تكوينية حول "محاربة التطرف الرقمي عند الشباب"، والتي نظمتها الرابطة سالفة الذكر بشراكة مع "برنامج الأممالمتحدة الإنمائي" وسفارة اليابان بالمملكة في إطار مشروع "مكافحة التطرف عبر الأنترنيت في صفوف الشباب بالمغرب في بعده الرقمي"، والذي يتم تنفيذه بشراكة مع سفارة اليابان بالمغرب وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وتتوخى هذه الدورة التكوينية، حسب الرابطة المحمدية للعلماء، بناء قدرات الصحافيين المغاربة في مجال تمنيع الشباب ضد التطرف على المستوى الرقمي؛ من خلال اطلاعهم بشكل مستفيض على طرق صناعة التطرف والإرهاب وآليات وتمظهرات الظاهرة الإرهابية، انطلاقا من التجربة التي راكمتها هذه الهيئة العلمية منذ سنوات عبر مراكزها البحثية ووحداتها المتخصصة في النشء والشباب والطفولة. كما تروم هذه الدورة التكوينية، كما أكد على ذلك محمد لمنتار، مدير البوابة الإلكترونية للرابطة المحمدية للعلماء وأحد المشرفين على هذا التكوين، "تمكين الصحافيين المشاركين من جملة من المهارات التقنية في مجال إنتاج وبلورة المضامين والسرديات الرقمية الحاملة للقيم البانية المسعفة على السلم والوئام والتسامح، انطلاقا من الخبرة التي راكمتها الرابطة". وأضاف محمد لمنتار، في هذا الصدد، أن " هذه الدورة التكوينية تنضاف إلى المبادرات التي أطلقتها الرابطة المحمدية للعلماء في مجال إنتاج ألعاب تفاعلية على الأنترنيت، بهدف تعزيز السلم والوسطية ونبذ العنف والتطرف"، مشددا على أهمية اضطلاع الصحافيين بدورهم في التأثير الافتراضي الناجع والوظيفي قصد مواكبة الشباب في اكتساب المهارات التي تؤهلهم ليكونوا مؤثرين جيدين في عالم الأنترنيت. من جهته، أوضح عبد الصمد غازي، مدير "مركز الدراسات الإعلامية والاستشرافية" بالرابطة المحمدية للعلماء، أن هذه الأخيرة "تعتبر أن تكوين الصحافيين والمشتغلين في الحقل الإعلامي بات في غاية الأهمية، في ظل انتشار التطرف على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي واستهدافه على الخصوص لفئة الشباب"؛ وهو ما يقتضي، وفق تعبيره، "تمليك الإعلاميين جملة من المهارات التقنية والمضمونية ليضطلعوا بدورهم في بلورة كبسولات رقمية تتسم بمقومات الجاذبية والإبداع والاختزال، قادرة على دحض كل الخطابات التي تروج لها التيارات المتطرفة والإرهابية على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي". وعرف اليوم الأول من هذه الدورة التكوينية الأولى المخصصة للصحافيين تقديم محمد بلكبير، رئيس مركز "الدراسات والأبحاث في القيم" بالرابطة المحمدية للعلماء، لنتائج حول تشخيص مخاطر التطرف العنيف عند الشباب وآليات صناعة التطرف والخرائط الذهنية. كما تطرقت عزيزة بزامي، مديرة وحدة "الفطرة" للناشئة، في ورشتها، لمحور "المشروع التدويني التأثيري.. مهارات وتقنيات". وفي عرض آخر قدمه عبد الصمد غازي، رئيس مركز الدراسات الاستشرافية والإعلامية، تناول بشكل مستفيض التطرف والمصفوفات الرقمية المعاصرة ومختلف أوجه استقطاب وتجنيد الشباب على شبكات التواصل الاجتماعي والتحديات التي تواجه المشتغلين في الحقل الإعلامي في هذا المجال، خصوصا في مجال إنتاج المضامين الرقمية البديلة والإيجابية". وخلال اليوم الثاني من هذه الدورة التكوينية، تعرف الصحافيون المشاركون على تمظهرات وآليات خطاب التطرف العنيف وأهم مقومات الخطابات الرقمية البديلة التي يتعين بلورتها قصد مكافحة التطرف "الرقمي"، وكذا ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عند بلورة الكبسولات الرقمية للفتاوى الوافدة على السياق المغربي، والتي لا تتلاءم مع مقتضيات الواقع المجتمع المغربي، وأهم مميزات المدرسة المغربية في التدين الوسطي المعتدل؛ وذلك من خلال ورشة أطرها محمد لمنتار، مدير البوابة الإلكترونية بالرابطة المحمدية للعلماء ورئيس مركز "الدراسات القرآنية"، حول "تفكيك خطاب التطرف.. التمظهرات والآليات". كما تعرف الصحافيون المشاركون في هذه الدورة التكوينية على تقنيات ومهارات بلورة الأسناد الرقمية وطرق إنشاء مدونات وكبسولات رقمية مؤثرة وكيفية الاشتغال على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي بشكل ناجع وفعال، من خلال ورشات أطرها مهندسو الرابطة المحمدية للعلماء جواد مقبول وحمزة قنار وبدر غازي ومصطفى بلمقدم. وتمخضت عن هذه الدورة التكوينية الأولى خطة عمل لشراكة مستقبلية بين الرابطة المحمدية للعلماء ومختلف الفاعلين الإعلاميين بالمغرب، في مجال تفكيك خطاب التطرف والإرهاب على المستوى الرقمي، والتي ستتوج بإنتاج سرديات رقمية. يشار إلى أن مشروع "مكافحة التطرف عبر الأنترنيت في صفوف الشباب بالمغرب" وقع على اتفاقية التمويل المتعلقة به، شهر نونبر 2020، كل من أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة، وتاكاشي شينوزوكا، سفير اليابان بالرباط، وإدوارد كريستو، الممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية بالمغرب، في إطار الجهود التي تبذلها الرابطة المحمدية للعلماء بغية مكافحة خطاب الكراهية وتحسيس الشباب حول المخاطر المحتملة لاستخدام الأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي. ويهدف هذا المشروع، الذي خصص له غلاف مالي قدره 454 ألفا و545 دولار أمريكي والذي مولته بشكل كامل الحكومة اليابانية، بالأساس، إطلاق مبادرات رامية إلى تمنيع الشباب في مواجهة خطاب الكراهية. ويتمحور المشروع، الذي يمتد على مدى سنة، حول أربعة أهداف رئيسية؛ تشمل إجراء تشخيص للمخاطر المرتبطة بالمضامين المتطرفة عبر الأنترنيت التي تستهدف الشباب، ودعم الفاعلين الوطنيين في استعمال تكنولوجيا المعلومات والتواصل، وكذا وسائل الإعلام للتصدي للتطرف العنيف وخطاب الكراهية، فضلا عن تحسيس الشباب المغاربة عبر شبكات التواصل الاجتماعي لإنتاج بخطابات بديلة، وكذا تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال مكافحة التطرف العنيف عبر الإنترنيت.