بعيدا عن القيم التي تأسس من أجلها الاتحاد الأوروبي والمتضمنة في ميثاقه وهي الدفاع عن السلم وقيم المواطنة، التضامن، العدالة، احترام الكرامة، المواطنين، الديمقراطية، المساواة وسيادة القانون، وضع البرلمان الأوروبي ومن خلال التوصية الصادرة عنه يوم الخميس، نفسه في موقف صعب، موقف المتضامن مع نفسه، موقف جعل من شعار التضامن العالمي مقتصرا على الدول الأعضاء ضد أحد جيرانه والمتمتع بالوضع المتقدم داخل الاتحاد منذ سنة 2008. البرلمان الأوروبي والذي سبق وأنكر على كاطلونيا من خلال توصية أخرى بتاريخ 26/11/2020، وبأغلبية أعضائه فقط وليس بإجماعهم، حق تقرير مصير الشعب الكطلاني باعتبار الشأن هو داخلي إسباني ولا يهم الاتحاد برمته، البرلمان الأوروبي الموكول له اختصاصات حصرية، كمؤسسة تشريعية، وهي: – الاختصاص التشريعي المصادقة على التشريع الأوروبي إلى جانب مجلس أوروبا، يقرر حول الاتفاقيات الدولية وتوسعة فضاء الاتحاد؛ – مراجعة برنامج عمل اللجنة الأوروبية ويطلب مقترحات تشريعية منها – اختصاصات المراقبة؛ – مراقبة المسارات الديمقراطية داخل المؤسسات الأوروبية؛ – اختيار رئيس اللجنة الأوروبية وممارسة حق الرقابة عليها؛ – المصادقة على الميزانية ومراقبة صرفها؛ – دراسة ملتمسات المواطنين وإجراء التحقيقات؛ – مراقبة السياسية المالية للبنك المركزي الأوروبي؛ – مساءلة اللجنة والمجلس الأوروبي؛ – مراقبة الانتخابات؛ – الاختصاص المالي. اختصاصات لا نجد ضمنها التدخل لفض النزاعات الثنائية بين الدول الأعضاء وأطراف ثالثة. صحيح أن إسبانيا ومن خلال ما تداولته صحافتها قبل الخميس كانت لها انتظارات كبرى من إدانة، وعقوبات اقتصادية وتلطيخ سمعة المغرب على الصعيد الدولي وتقديمه كبلد لا يحترم الاتفاقيات الدولية التي يصادق عليها وينتهك بشكل علني حقوق الأطفال والقاصرين، وهو الذي ما فتئ يشتغل على تقوية المؤسسات الديمقراطية ويطور المنظومة الحقوقية ويستعد لطرح برنامج تنموي جديد بحمولة اجتماعية.... المشروع المتداول قبل التصويت حمل الكثير من المغالطات، بل تضمن إدانة صريحة أصلا لسياسة إسبانيا، وشرطتها لخرق حقوق القاصرين وسوء معاملتهم، بل وتعريض حياتهم للخطر وللعنف المادي والمعنوي. وهو حزب من اليمين-ciudadanos التوصية المقدمة من طرف حزب-الوسط، تأسس في كاطلونيا سنة 2006، كبديل للأحزاب القومية وكمشروع فاشل، وبديل للحزب الشعبي اليميني... حزب من المنتظر ألا يكون لا ضمن البرلمان الأوروبي ولا الإسباني في الاستحقاقات المقبلة، حزب استعمل من طرف الحزب الشعبي، والحزب الاشتراكي لتقديم ملتمس التوصية، والتي قد تعتبر آخر أوراقه قبل امتصاصه من طرف اليمين المتطرف Vox. التوصية التي صدرت يوم الخميس، بعيدة عن أي إجماع الذي عادة ما يميز القضايا الدولية، والمبشر به من طرف الصحافة الإسبانية، لم يحمل لا إدانة ولا عقوبات بل اكتفت بالرفض والتذكير... من المؤكد أن الآليات الدولية المعترف بها، والمجمع حولها لحرصها على احترام الاتفاقيات الدولية هي الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن فقط، ولا يوجد البرلمان الأوروبي ضمنها (انظر اختصاصات البرلمان الأوروبي)، الذي عادة ما يصدر توصيات وقرارات تهم القضايا الدولية من كوبا فينزويلا، سيرلانكا، مالي... قرارات تتميز بالطابع السياسي ولا يترتب عنها أي آثار قانوني، وغير ملزمة حتى للدول أعضاء الاتحاد (إسبانيا/كوبا) و(فرنسا/مالي)... توصية أقحمت ملف الصحراء المغربية وأغفلت ملف إبراهيم غالي.. توصية أقحمت ملف الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي واعتبرت سبتةالمحتلة حدودا للاتحاد وبلا حشمة، توصية أسعدت إسبانيا والتي هي نفسها تعلم أن سبتة مدينة مستعمرة جغرافيا، تاريخيا وإنسانيا.... ختاما، المغرب الرسمي والشعبي يتفق على أن ما يجب أن يسود العلاقات الدولية هو الاحترام والتعاون. وليس منطق الأستاذ والتلميذ. أوروبا تتمتع بحسن الجوار المجاني والمغرب يفتح الأسواق، يراقب الهجرة، يتصدى للإرهاب القادم من الساحل والصحراء، يفكك الخلايا... استثمار وجهد مالي وفكري لن يتحمله المغرب لوحده قطعا.