رغما عن ارتفاع درجة الحراة بمدينة فاس، استطاعت مؤسسة "روح فاس"، ومركز "جنوب شمال" وجمعية "فاس سايس"، بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، استقطاب أكاديميين و باحثين و نشطاء في الشأن الأمازيغي ضمن فعاليات مهرجان الثقافة الأمازيغية المنظم بقصر المؤتمرات للمدينة. الحضور ضمن الموعد الذي يقام هذه السنة في دورته التاسعة يكتسب طابع الدوليّة، فيما اختير للمهرجان شعار "الأمازيغية و الأندلس" على مساحة زمنية ممتدة ل3 أيّام ببرمجة تتضمن ندوات و محاضرات وورشات تكوين، إضافة لمعارض وسهرات فنية وعروض سينمائية. و في كلمته الإفتتاحية قال أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن هذا الملتقى يأتي في سياق الحوار الوطني المفتوح حول اللغة الأمازيغية، حيث أكد أن دسترتها رسمية يجعلها جاهزة للقيام بدورها ولا ينقصها سوى إصدار القوانين التنظيمية التي يبتغيها التفعيل، مشددا أن ذلك تم بفعل جهود الIRCAM مباشرة بعد الخطاب الملكي الذي وجّه من أجدير قبل سنوات. عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية اعتبر أيضا أن مهرجان الثقافة الأمازيغية الذي تحتضنه فاس هو دليل على الحيوية وموعد لتشبت المغاربة بلغتهم الضاربة في جذور التاريخ، وهي التي تعد منفتحة على جميع القيم المجتمعية دون استثناء. مداخلة مقتضبة لوالي جهة فاس بولمان ورد بها أن المهرجان أضحى قبلة لأساتذة و باحثين و أكاديمين من كل ربوع المعمور، هذا قبل أن ينوّه بالمجهودات المبذولة من طرف الساهرين عليه، ويشدد على أن الأمازيغ كان لهم دور فعال في بناء الحضارة والثقافة بفاس. المداخلات المتتالية لكل من رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله، و سفير جمهورية الغابون الذي نابت عنه المكلفة بالشأن الثقافي ضمن تشكيلة ذات البعثة الدبلوماسية، زيادة على مختلف الفاعلين الإقتصاديين والتدبيريّين، أجمعت بدورها على ضرورة استمرار تنظيم مهرجان الثقافة الامازيغية بفاس مع جعله تقليدا سنويا للنقاش و التشاور و الإستفادة، معلنين دعمهم غير المشروط للتظاهرة. موحا الناجي، مدير المهرجان ورئيس مركز "شمال جنوب"، ركز من خلال مداخلته على أهمية المبادرة، وقال إنها تكمن في التركيز على الدلالات التاريخية والإجتماعية والأنتثروبولوجية للثقافة الأمازيغية، وكذا الأدوار التي تضطلع بها في المساعدة على الفهم الصحيح للتاريخ وكذا تعزيز سبل التبادل الثقافي والدعوة إلى التعايش، مع وضع مقاربة متجانسة من شأنها أن تسمح بتقوية الحوار بين الثقافات و السلم الإجتماعي وتشديد ترسيخ ثقافة الديمقراطية. افتتاح المهرجان كان مناسبة لتكريم عبد السلام أحيزون، المدير العام لشركة اتصالات المغرب الذي هو أيضا عضو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حيث خصصت له كلمات أبرز فيها المتدخلون مناقب المكرّم زيادة على التنويه به وبمساراته في شتى المجالات.. وذلك ما اعتبره أحيزون مؤثرا و مفرحا قبل أن يتساءل عن السبب في تكريمه وهل هو مقترن بإسمه الأمازيغي أو انتمائه لل IRCAM. "لم أكن أتحدث الدارجة المغربية حتى بلوغي الخامسة من العمر.. وزيارات أسبوعية ما زالت تحملني لمسقط رأسي حيث أتواصل مع أمّي بالأمازيغيّة" يقول أحيزون قل أن يزيد: "هناك ضرورة للعمل بجد على تنزيل الفعلي للطابع الرسمي للغية الأمازيغية". ختام برنامج اليوم الأول من المهرجان كان بقاعة المؤتمرات لفاس عبر محاضرة نشطها عبد الوهاب مدب، عن جامعة باريس الغرب، وقد اختار ضمنها الحديث عن "الوجه الأمازيغي للأندلس" باسطا تاريخ الأندلس بارتباطه مع الأمازيغ وثقافتهم التي عبرت البحر الأبيض المتوسط صوب الحيز الأيبيريّ. أمّا المحور الثاني من المهرجان فقد خصص للأغنية و الشعر و الفنون الأمازيغية، وذلك بفضائين مختلفين، باحتضان حديقة للاأمينة لفرقة أحيدوس القادمة من قلعة مكونة ومجموعة مجيد، فيما احتضنت ساحة باب المكينة نفس الفرقة القادمة من مدينة الورود زيادة على الفنانة نجاة اعتابو التي نجحت، كعاداتها، في إلهاب الجماهير وجر تفاعلاتها مع أشهر أغانيها.