بعد إدانة اصغر إرهابي في بريطانيا بتهمة ضلوعه في قضايا الإرهاب ,خصوصا حوزته لوثائق تضم تهديدا للتاج البريطاني في الأسبوع الماضي ,جاء خبر جديد لتزكية ارتباط المسلم البريطاني بلقب" الإرهابي" كما اعتدنا أن نسمع أو نرى عبر قنوات الإمبراطورية "العظمى". الإرهاب أصبح جزءا من اللعبة "الوطنية", فهو تلك اللغة التصفيحية التي أصبحت أكثر متداولة يوميا على ألسنة الهيآت الرسمية و الهيآت الامبريالية لتقوية أجهزة مناعتها الكونية لعدم استعدادها للإقرار بفشل سياستها الداخلية على اعتبار أن سياستها الخارجية يشهد العالم على طبيعتها الدموية . فبعد المراهق الإرهابي الذي تم تصنيفه كأصغر إرهابي بريطاني , وهذا جد طبيعي ما دام أن نظام العدالة في انجلترا و بلاد الغال يقر المسؤولية الإجرامية في سن العاشرة . عادت الجرائد البريطانية يوم الاثنين والثلاثاء من هذا الأسبوع للحديث عن المؤامرة الإرهابية التي تورط فيها حماد مونشي والتي تزامنت مع ميلاد تنظيم القاعدة العشرين والتي بالمنافسة تفوق سنه بسنتين كما علقت على ذلك صحيفة الغرديان بسخرية. جاءت البي بي سي قناة "الامبراطورية " يوم الاثنين بخبر إلقاء القبض على ثلاثة شخصيات جديدة في مذكرة بريطانيا "العظمى" لانتمائهم لخلية إرهابية ترتبط بمؤامرة " اغتيال" الوزير الأول الحالي غوردون براون و الوزير السابق توني بلير . هذه الخلية التي نشرت بيان "الجهاد" في موقعها الالكتروني أطلقت على نفسها اسم "القاعدة في بريطانيا" ، وطالبت بانسحاب القوات البريطانية من العراق وافغانستان ليتبنى الإرهاب من خلالها حربا جديدة وهي الحرب الرقمية تحت شعار "الديموقراطية العنكبوتية" .و طالبت هذه الخلية الإرهابية الرقمية أيضا بالإفراج عن السجناء المسلمين بسجن بلمارش ذو الرقابة العالية بلندن. اثنان من هؤلاء "الإرهابيين" كانوا على وشك الركوب في رحلة إلى فنلندا,مما اجبر ضباط مكافحة الإرهاب بمانشستر ولانكاشاير على الانتقال إلى الدول الاسكندنافية لمواصلة تحقيقاتهم. وانفردت يوم الثلاثاء الماضي جريدة الغارديان,والتي هي بالمناسبة أقوى منابر إعلام النخبة في المملكة المتحدة, بنشر مضمون وثيقة سرية تحت عنوان"دعاية بريطانيا السرية للحرب ضد تنظيم القاعدة". استنادا إلى الورقة السرية لوزارة داخلية المملكة المتحدة التي حصلت عليها الجريدة السابقة الذكر, فقد استهدفت وحدة مكافحة الإرهاب, وايت هول, هيئة الإذاعة البريطانية وغيرها من وسائل الإعلام والمنظمات كجزء من دعاية عالمية جديدة ترمي إلى الحرب على تنظيم القاعدة. وتبين الوثيقة أيضا ان خبراء وحدة وايت هول لمكافحة الإرهاب تعتزم استغلال وسائط الإعلام الجديدة, كجزء من حملتها, بتوجيه رسائل عن طريق منتديات الانترنت بغية في التشهير وتشويه سمعة القاعدة. وكانت قد أخبرت وحدة البحوث والمعلومات والاتصالات في 21 يوليوز من هذه السنة ان المادة موجهة في المقام الاول الى مكاتب اتصالات "ما وراء البحار " في السفارات والقنصليات فى جميع أنحاء العالم. سؤالي هو :هل أصبح الجمهور البريطاني سلعة للاتجار باسم الارهاب؟ تعيش دول بريطانيا حالة كساد اقتصادي بلغ ذروته بين شهر أبريل وماي إلى درجة الصفر كما صرح الناطق باسم الخزانة الليبرالي الديموقراطي فينس كابل وقال : "أصبح لدينا الآن تأكيد رسمي أن الاقتصاد البريطاني قد وصل بالفعل إلى نقطة الركود. أي مزيدا من التباطؤ وسنكون في الركود التام. نحن نشهد ضالان المدى الكامل اللاذاتي وهم الوزراء الذين أدوا الى الاعتقاد بأن كل شيء جيد مع الاقتصاد البريطاني" . هذه الأزمة الخانقة شكلت عودة مجازية إلى سنوات السبعينات. ميرفن كينغ, حاكم بنك انكلترا ، سبق و أن حذر ان اقتصاد المملكة المتحدة يواجه صعوبات نتيجة لارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو. و كما ان المجتمع بحاجة لعدة سنوات لفهم واستيعاب فكر الادخار وأهميته في تنمية موارد المجتمع الاقتصادية المختلفة , فلا يمكن غزوه بسهولة الا بسلاح الإرهاب. فهذا بديهي ما دام ان جل اذ لم اقل كل المنابر الاعلامية تهمش الاعلام الاقتصادي في موادها الإخبارية, اذ ان الصفحة الرياضية تشكل مثلا ثلاثة أضعاف اخبار الاقتصاد . و محاولة للتعتيم عن الأزمة الاقتصادية التي تجد مقابلها الموضوعي في الأزمة السياسية, إضافة الى استنفاذ أدوات التدجين الرياضية التي أخذت حصة الاسد خلال الالعاب الاولمية , تم تمويه الجماهير بخلق نوع من الدعر السياسي باقتباس "الارهاب" الذي أصبح "لعبة " وطنية تحصد ميداليات دهبية لحزب العمال في الانتخابات القادمة. وكل هذا لاستدراج اهتمام القارئ الذي تحول بدوره من مستهلك لإنتاج إعلامي الى كونه إنتاج إعلامي في حد ذاته يخدم بالدرجة الاولى ََمقاولات الاعلام التي غالبا ما تشكل نخبة البورجوازية المتوسطة. شكل الإرهاب مرحلة انتقالية من إرهاب وطني الى إرهاب كوني جند تقنيات الإرهاب السياسي لتحقيق أهداف مالية ,ما دامت الأجهزة الرقمية تخدم مصالح قراصنة الانترنيت أكثر مما تخدم بنية المواطن البريطاني. فالإرهاب الرقمي صار خارج طاقة أجهزة المراقبة التي مازالت تحتفظ بأساليب المراقبة الوطنية التقليدية و صار الكل يبحر بكل حرية . جرائم الإرهاب التي تتحدث عنها بريطانيا ما هي الا عملية تقديم المواطنين كقرابين من اجل الحفاظ على السلطة في ظل أزمة اقتصادية خانقة خصوصا و أن مواطنيها يفقهون في" البيتزا" و "الجعة" أكثر من السياسة مما يجعل تفهمهم لسياستهم مختومة بطابع العشوائية وهذا يخول السلطة صلاحية ممارسة" جرائم النظام" تحت شعار " السلامة" لكل مواطن. بعد إخفاق سياسة حزب العمال البريطاني في ترسيخ بوادر السلام والأمن في أفغانستان والعراق ,حاول الإعلام البريطاني تحريف حقيقة فشل قرارات رقم 10 داونين ستريت في الشرق الأوسط بالقاء اللوم على مقاتلي تنظيم القاعدة في تدمير هذه المستعمرتين. وبمجرد ما حطم الاقتصاد البريطاني رقما جديدا في التضخم شبيها بنظيره في السبعينات ,علاوة على الانخفاض الصاروخي الذي عرفه الجنيه الإسترليني هذا الأسبوع , تم الكشف ,مع سابق اصرار, عن ملفات" رقمية" لتنظيم القاعدة لإخفاء أزمة اقتصادية تغطي قرص الحكومة الصلب.لندخل الى منظومة جديدة و هي منظومة :" الاقتصاد الإرهابي"