"سنة مأساوية بكل المقاييس" هكذا تحدثت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي تستعرض مضامين التقرير السنوي لعام 2020، الذي هم حالة حقوق الإنسان بالمغرب، مشيرة إلى أن "وضع الحقوق قد شهد تقدما في بعض المجالات، مع تسجيل ملاحظات تهم بعض القضايا". أولى الملاحظات التي رصدها التقرير السنوي المرفوع إلى الملك محمد السادس، والذي قدمته بوعياش صباح اليوم الأربعاء، في ندوة بالرباط، تتعلق ب"المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية لمواجهة "كورونا"، الذي لم يشر إلى تاريخ بداية سريان حالة الطوارئ الصحية، وأن السلطات بدأت في اتخاذ التدابير الاحترازية وفرض حالة الطوارئ الصحية قبل إصدار المرسوم بقانون. كما سجل في رصده أن "المرسوم بقانون لم يشر إلى ضرورة الرجوع إلى البرلمان، إذ اقتضت الضرورة تمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية، على اعتبار أن تمديد الحكومة لمدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بموجب مراسم دون الرجوع إلى البرلمان يطرح إشكالات تمس بمقومات دولة الحق والقانون". وقال المجلس بأنه توصل ولجانه الجهوية، خلال سنة 2020، بما مجموعه 2536 شكاية؛ منها 1591 عالجتها اللجان الجهوية. كما قام المجلس ولجانه الجهوية ب45 زيارة للمؤسسات السجنية ومراكز حماية الطفولة ومراكز الرعاية الاجتماعية. تم تسجيل 213 حالة وفاة بالمؤسسات السجنية أو وفيات سجناء بالمستشفيات خلال عام 2020، مقابل 169 في السنة الماضية. ويشير المجلس، وفقا لمعطيات خاصة، إلى أن "من أسباب وفاة السجناء الانتحار أو الإصابة بفيروس "كوفيد 19′′، حيث يبلغ عدد حالات الانتحار 9 حالات، في حين بلغ عدد الوفيات بسبب "كورونا" 11 وفاة". وكشف التقرير توصل المجلس ب224 شكاية أو اتصال هاتفي يفيد بأن بعض السجناء يخوضون إضرابا عن الطعام ببعض المؤسسات السجنية. واعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن حالات الانتحار بالسجون تمثل "مؤشرا مقلقا يستدعي بذل المزيد من الجهود لدراسة الأسباب المؤدية إليها بشكل علمي واتخاذ المزيد من الإجراءات من خلال التدريب والملاحظة الدائمة الحالات المحتملة والتواصل الدائم مع العائلات والمتابعة الطبية المستمرة للحالات التي تعاني من اضطرابات نفسية". وبخصوص الحق في السلامة الجسدية، واصل المجلس الذي ترأسه آمنة بوعياش مهامه المتعلقة بالتصدي للانتهاكات التي تطال الحق في السلامة الجسدية، وتلقى 6 شكايات بخصوص ادعاءات التعذيب بأماكن الحرمان من الحرية، و75 شكاية يتظلم فيها سجناء من تعرضهم لسوء المعاملة من طرف موظفي السجون. كما رصد المجلس الوطني لحقوق الإنسان استعمالا للعنف بالشارع العام من قبل المكلفين بإنفاذ القانون في حق العديد من الأشخاص، الذين لم يحترموا إجراءات الحجر الصحي المعمول بها في بعض المدن. وفي ما يخص حرية الرأي والتعبير، يؤكد المجلس على ضرورة التزام الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بأعلى المعايير المهنية والأخلاقية وتحمل مسؤولياتهم خلال الأزمة الوبائية وتزويد العموم بمعلومات دقيقة وشاملة، كما يرى أنه ينبغي أن يتمتعوا بشكل عام بالحق في انتقاد السلطات العمومية. وبالنسبة إلى الحق في الحياة الخاصة، يسجل المجلس أنه إذا كان للتطور التكنولوجي أثر على تدفق المعلومات وفتح مجالات جديدة للتعبير أمام المدافعين عن حقوق الإنسان، فإنه يوفر أحيانا بيئة مواتية لانتهاك الحياة الخاصة وتداول معطيات ذات طابع شخصي في غياب أي سند قانوني. وعلى مستوى الحق في الولوج إلى القضاء والمحاكمة عن بعد، سجل المجلس وجود تحديات على المستويين القانوني والحقوقي أهمها تفعيل واحترام مبدأ الحضورية والتواجهية الشفهية ومبدأ العلنية ومبدأ تكافؤ وسائل الدفاع، وحرية المحامي في التخابر مع موكله أثناء سير المحاكمة التي أصبحت مقيدة. وبشأن حرية الجمعيات، شدد المجلس على أنه "توصل، خلال عام 2020، بما مجموعه 28 شكاية بخصوص حرية الجمعيات تتعلق برفض تسلم الملف النهائي القانوني، أو بتسلمه دون منح وصولات إيداع مؤقتة، أو برفض تسليم الوصل النهائي، أو الحرمان من ممارسة نشاط جمعوي أو نقابي أو تظلم من تضييق على ممارسة نشاط نقابي". ومن التوصيات التي تضمنها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلغاء عقوبة الإعدام من القانون، وتعديل جميع أحكام القانون الجنائي المتصلة بموضوع حرية التعبير، بما يتوافق مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحرص على أن يكون أي قيد مفروض على هذه الحرية محدد بنص قانوني صريح. كما أوصى المجلس بضرورة وضع إطار قانوني واضح ودقيق لتنظيم المحاكمة عن بعد احتراما لمبدأ الشرعية الجنائية الإجرائية، مع إلغاء أو تعديل جميع المقتضيات القانونية التي قد تنطوي على تمييز ضد المرأة، بالإضافة إلى تعديل مدونة الأسرة بما يتماشى مع مبادئ الدستور والاتفاقيات الدولية.