على الرغم من الاعتراف الرسمي والدستوري باللغة الأمازيغية منذ قرابة عقد من الزمن، فإنه يمكن القول إن هذه اللغة تعيش أحلك أيامها في السنوات الأخيرة، ولا يمكن للمرء إلا أن يندهش أمام حجم التراجعات التي أقدمت عليها المؤسسات الرسمية للدولة في مختلف القطاعات، والتزام الحكومة للصمت المطبق أمام هذه الخطوات اللادستورية. الخطير في الوضع هو أن هذه التراجعات المهولة لم تعد تهم وزارة دون أخرى، أو قطاعا دون آخر، بل محط "شبه إجماع" مؤسساتي على تجاهل الخطوات التي تمت في سبيل إنصاف اللغة الأمازيغية، في وقت كنا ننتظر فيه الوفاء بالمقتضيات الدستورية وتفعيلها من خلال تنزيل القانون التنظيمي. الأخطر من كل هذا هو أننا دخلنا، بصفتنا مواطنين مغاربة نؤمن بقوة النص القانوني وحق المواطن المغربي في استثمار هذه النصوص لحفظ مغرب التعددية وترسيخ التعايش والتسامح، دخلنا مرحلة التطبيع مع هذه التجاوزات والاختلالات التي تقدم عليها المؤسسة العمومية في وقت يجب التنبيه إلى خطورتها ووقعها السلبي على الديمقراطية. في الوقت الذي كنا فيه ننتظر تفعيل المرسوم الحكومي لتفعيل الأمازيغية الذي تم التصويت عليه منذ 03 شتنبر 2020 على علاته وزلاته، والذي عطّلته جائحة كوفيد 19، ها هي المؤسسات الرسمية التي من المفترض أن تحترم الدستور والمواطن المغربي تتعمد التراجع عن إدراج اللغة الأمازيغية إن على مستوى الهوية البصرية أو على مستوى دفاتر التحملات أو غيرها من الالتزامات السابقة. صحيح أن اللغة الأمازيغية كانت وستظل آخر اهتمامات حكومات ما بعد الترسيم الدستوري للغة الأمازيغية، وهو ما نعتبره هدرا للزمن التشريعي والتنفيذي؛ لكن المضحك المبكي في الموضوع هو أن تكون الوثيقة الدستورية أكثر تقدما من مؤسسات الأحزاب السياسية والنسيج الجمعوي وحتى الفعاليات والأفراد. لم نعد اليوم أمام تعطيل أو وقف لعجلة إنصاف اللغة الأمازيغية، لأسباب موضوعية؛ بل أصبحنا أمام خطوات إلى الوراء -شجاعة حتى لا نقول جبانة- تنذر بمزيد من التذمر واليأس، وتكرس شكلية النصوص التشريعية والقانونية، وتفرض مزاجية أكثر في التعامل الوضعيات. في الختام، النداء مرفوع إلى كل الحكومة المغربية في شخص رئيسها، مرفوع إلى الإطارات والفعاليات وكل الضمائر الحية، مرفوع إلى المؤسسات الرسمية والإدارات العمومية، مرفوع إلى حكماء هذا الوطن؛ لنتحمل مسؤوليتنا التاريخية تجاه هذه اللغة، التي قاومت قرونا كثيرة وتعتبر صميم الخصوصية المغربية.