تحركات مكثفة يشهدها قطاع العدالة بعد أسبوعين من التغييرات التي شملت إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أُسندت رئاسته بالنيابة إلى محمد عبد النباوي، ورئاسة النيابة العامة، التي أسندت إلى الحسن الداكي، حيث عُقد اجتماع للهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، اليوم الخميس، بعد تسجيل قصور في عمل الهيئة الذي لم يُثمر النتائج المتوخّاة منه لتعزيز التنسيق بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة من جهة، ووزارة العدل من جهة ثانية. ووقعت الأطراف الثلاثة المذكورة قرارا مشتركا ينسخ بمقتضاه القرار رقم 712.18 الذي بموجبه تم تحديد وتأليف واختصاصات الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية سنة 2019، من أجل إعطاء الهيئة المشتركة "انطلاقة حقيقية لعملها وتحقيق الفعالية المنتظرة من أشغالها تكون في مستوى ما نتطلع إليه جميعا، قادرة على المساهمة في الرفع من جودة أداء العدالة ببلادنا"، كما قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة. وأبرز المسؤول القضائي نفسه أن القرار المشترك يهدف إلى "تجاوز بعض الفراغات التي أبرزتها الممارسة وفق مقاربة تشاركية تتوخى تحسين عملية تنسيق الهيئة المشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والوزارة المكلفة بالعدل في مجالات أساسية تتعلق ببرامج نجاعة الأداء، والبنية التحتية للمحاكم، وتحديث ورقمنة المحاكم، والتكوين في مجال الإدارة القضائية، والتعاون الدولي، وغيرها من المجالات التي ستكون إطارا مشتركا للتنسيق المستمر والمتواصل". وأضاف الداكي أنّ التغيير الذي سيطرأ على الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، "سيساهم في تكريس روح العمل المشترك ويعطي نفسا جديدا للهيئة من أجل العمل على تجاوز الصعوبات والرواسب التي نتجت عن استقلال السلطة القضائية، ويبتكر حلولا جديدة وينتج أفكارا خلاقة قادرة على إنتاج عدالة جيدة وفعالة مواكبة للتطورات قريبة من انشغالات واهتمامات المواطنين تستجيب لانتظاراتهم وتطلعاتهم". من جهته، قال محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إنّ القرار المشترك الذي ينسخ القرار رقم 712.18 الذي بموجبه تم تحديد وتأليف واختصاصات الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، جاء بعد تسجيل نقص في نجاعتها، "وهو ما كان له بالغ الأثر في تدبير العديد من المجالات المشتركة". وتوقف عبد النباوي عند عدد من أوجُه النقص التي تعتري عمل الهيئة المشترك للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، ومنها عدم تمثيلية كل مكونات السلطة القضائية داخلها، حيث غابت عنها رئاسة النيابة العامة، وتعدّد أعضاء الهيئة من جهة ثانية، ما أدّى، يضيف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى نقص نجاعتها، وضعف فعاليتها، وتسبب في ضعف التنسيق المقرر في مجال الإدارة القضائية. وتم إحداث الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية بموجب المادة 54 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، غير أنّ المدة الزمنية التي مرت على إحداثها، والتي لا تتعدى سنة ونصف السنة، أظهرت ضعف فعاليتها في القيام بالدور المنوط بها، وهو ما حدا بكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، ووزارة العدل، إلى تشخيص وضعية الهيئة، وتعديل القرار المشترك 712.18 المنظم لعملها الصادر في يونيو 2019. في هذا الإطار، قال عبد النباوي إنّ تغيير القرار المشترك المذكور يهدف إلى تحقيق هدفين أساسيين؛ يتعلق الأول بإدماج كل مكونات السلطة القضائية العاملة بالمحاكم إلى جانب الوزارة المكلفة بالعدل في عضوية الهيئة، والثاني يعالج تأليف الهيئة بكيفية تتوخى مزيدا من النجاعة والفعالية، وذلك بخلق لجنة للتوجيه ولجنة للتبع، بالإضافة إلى لجان موضوعاتية ولجان مؤقتة. في الإطار ذاته، أكد الحسن الداكي أنّ توقيع قرار الهيئة المشتركة، "سيكون انطلاقة جيدة من الانسجام والتوافق وحسن التدبير لما فيه خير العدالة فبي بلادنا"، مضيفا أنّ "رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل ستعمل على تفعيل مضامين القرار المشترك من أجل تحسين جودة خدمات مرفق القضاء وتكريس سيادة القانون والمساواة أمام أحكامه".