وقع كل من وزير العدل، محمد بنعبدالقادر، والرئيس المنتدب للسلطة القضائية، محمد بنعبدالنباوي، والوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، على قرار مشترك ينسخ بمقتضاه القرار رقم 712.18 المتعلق بتحديد وتأليف واختصاصات الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية. وأكد المسؤولون عن منظومة العدالة، في كلماتهم بمناسبة انعقاد اجتماع الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية في ذكرى إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية الرابعة يومه الثلاثاء 6 أبريل 2021بالرباط، (أكد المسؤولون عن منظومة العدالة) على أهمية هذا القرار التعديلي، الذي قالوا إن من شأنه الرفع من نجاعة أداء الهيئة وفعاليتها وكذا الرفع من مستوى التنسيق والتعاون بين السلطتين التنفيذية والقضائية. وفي هذا السياق، أوضح الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد بنعبدالنباوي، أنه «رغم أن القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية كان قد انتبه لموضوع تدبير الإدارة القضائية بالمحاكم وأوجد له هيأة مشتركة بمقتضى المادة 54، يتم تحديد تأليفها واختصاصها بمقتضى قرار مشترك بين الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والوزير المكلف بالعدل، فإن تأخر صدور القرار المشترك عدد 18-712 لما يزيد عن سنتين على تأسيس السلطة القضائية (17 يونيه 2019) من جهة، وعدم تمثيلية كل مكونات السلطة القضائية بالهيأة من جهة ثانية (غياب رئاسة النيابة العامة)، وتعدد أعضاء الهيأة من جهة ثالثة، قد أدى إلى نقص نجاعة هذه الهيأة وضعف فعاليتها وتسبب في غياب التنسيق المقرر في مجال الإدارة القضائية بمقتضى المادة 54. وهو ما كان له بالغ الأثر في تدبير العديد من المجالات المشتركة للإدارة القضائية». ونبه عبد النباوي، كذلك، إلى أن «تدبير الجوانب المتعلقة بالإدارة القضائية عرف بعض الصعوبات، التي تعتبر عادية بمناسبة انفصال السلطات عن بعضها»، وعزا ذلك «إما بسبب غموض بعض النصوص، أو لوجود فراغ قانوني، أو لأسباب شكلية أو موضوعية تتعلق بإشكاليات تدبير المرفق العام، أو لأسباب خاصة تهم المسؤولين عن تطبيق النُصوص». وزاد عبد النباوي مبرزا أن تعديل القرار المشترك رقم 18-712 المتعلق بتحديد تأليف واختصاصات الهيأة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، يرمي إلى «إحداث تغييرين أساسيين». يتعلق الأول ب«إدماج كل مكونات السلطة القضائية العاملة بالمحاكم إلى جانب الوزارة المكلفة بالعدل في عضوية الهيأة»، من خلال ضمان تمثيلية رئاسة النيابة العامة، فيما الثاني «يعالج تأليف الهيأة بكيفية تتوخى المزيد من النجاعة والفعالية. وذلك بإحداث لجنة للتوجيه ولجنة للتتبع بالإضافة إلى لجن موضوعاتية ولجن مؤقتة». وأكد عبد النباوي أن اختصاصات اللجنة «تنحصر في تشخيص وتحسين أداء الإدارة القضائية والحرص على حسن سيرها، دون المساس باستقلال السلطة القضائية». وأشار المسؤول القضائي، في هذا السياق، إلى أن مفهوم الإدارة القضائية قد تم توضيحه بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 19/89 وتاريخ 8 فبراير 2019 بحصره في الجوانب المالية والإدارية أي بما يرتبط «بتسيير الممتلكات والموارد المالية للمحاكم وتدبير الوضعية المهنية للموظفين»، والتي تعتبر «مجالاً مشتركا للتعاون والتنسيق بين السلطتين التنفيذية والقضائية. وأن ما عدا ذلك يظل من المهام القضائية التي تختص بها السلطة القضائية وحدها بشكل مستقل لا يقبل التنسيق مع الإدارة» يقول عبد النباوي. ودعا عبد النباوي مكونات السلطة القضائية والوزارة المكلفة بالعدل لتفعيل مقتضيات القرار المشترك الجديد، «بروح إيجابية تستحضر المصلحة العامة القضائية وروح الدستور، وذلك من أجل تذليل الصعوبات وتجاوز المعيقات. حتى تتمكن المحاكم من الإقلاع من جديد وتحقيق مستويات مرتفعة من النجاعة والفعالية. وهي محطة أساسية من محطات رحلة تقوية ثقة المواطن في العدالة» وفق تعبير المسؤول القضائي. من جهته، أكد وزير العدل، محمد بنعبدالقادر، على أن المرحلة التأسيسية للهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، الممتدة على أربع سنوات الأخيرة، كانت «رهينة ترددات وتعثرات ساهمت في إبطاء مسار الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة بما لم يتجاوب مع الانتظارات والتمكين القضائي بالمغرب وتحقيق غايات الإصلاح القضائي المنشود». واعتبر بنعبدالقادر أن «الرهان ما زال قائما بشأن التفعيل الأمثل للمبدإ الدستوري المتعلق بتعاون السلطتين التنفيذية والقضائية وتوزانها». وشدد بنعبدالقادرعلى أنه إذا كان استقلال السلطة القضائية «عقيدة وتوجها لا رجعة فيه»، فإن «التعاون والتنسيق بين السلط أولوية قصوى بالنسبة لي وضعتها على رأس اهتمامي وبرنامج العمل في أفق بلورة صيغ لتفعيله». وأكد بنعبدالقادر على أن اجتماع الهيئة المشتركة للتوقيع على القرار التعديلي المتعلق بها يشكل «خطوة أخرى متقدمة في مجال التعاون بين السلطتين [التنفيذية والقضائية]». ونبه بنعبد القادر، إلى النموذج الذي اختاره المغرب في مجال تدبير الإدارة القضائية، يحتاج إلى «الكثير من العمل والصبر والثقة ومراكمة الممارسات الفضلى». وأما رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، فشدد من جانبه على أن «لرهان الكبير هو تحقيق فعالية و انسجام منظومة العدالة و انعكاس كل جهود الإصلاح على العمل اليومي للمحاكم وعلى جودة الخدمات المقدمة للمتقاضين». وزاد رئيس النيابة العامة موضحا أن «كل المقتضيات التي جاء بها دستور المملكة لسنة 2011 في مجال العدالة وما أعقبه من نصوص قانونية وخطط وبرامج، كانت تروم في الأساس الرفع من مستوى عدالة بلادنا و تحسين جودة خدمات مرفق القضاء و تكريس سيادة القانون والمساواة أمام أحكامه. وهو رهان كبير يشكل جوهر مشروع إصلاح منظومة العدالة، ولا يمكن كسبه دون تظافر جهود كافة المتدخلين في المنظومة و تطوير آليات التنسيق و التعاون بغية تحقيق نوع من التكامل في الأدوار والإنسجام في الأداء، استحضارا لمبادئ الدستور التي تؤسس للمقاربة التشاركية والتعاون بين السلط». وكان تم إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية وتنصيب أعضائه في 6 أبريل 2017، هذا فيما تم إصدار القرار المشترك عدد 18-712 المتعلق بالهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية بتاريخ 17 يونيو 2019.