أعاد جدل القوانين الانتخابية إلى الواجهة السياسية نقاش ضمانات نزاهة العملية التشريعية، بعد تشكيك بعض الفعاليات الحزبية في نوايا القاسم الانتخابي الجديد الذي اعتمده البرلمان على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية عوض الأصوات الصحيحة كما كان عليه الحال خلال الانتخابات الأخيرة. وبمجرد اقتراب موعد المحطة الانتخابية، يتجدد الخلاف السياسي بشأن تدبير الاقتراع من لدن الدولة المغربية، التي تتهمها أطراف حزبية ب"التحكم" في نتائج الانتخابات؛ وهو ما أمكن ملاحظته خلال "اقتراع 2016′′، الذي شهد صراعات حامية بين التنظيمات الكبرى بالبلاد. وفي هذا الصدد، يورد العباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "الخلاف الذي يسبق العملية الانتخابية مسألة صحية بالمغرب؛ لأن الجدال الحزبي يُمكن إدراجه ضمن مكونات الديمقراطية، حيث يدل على أننا نعيش نفسا ديمقراطيا، فالكل يتحدث ويعبر عن رأيه". ويوضح الوردي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأطياف الحزبية والسياسية تعبر عن مواقفها بكل استقلالية؛ وهو ما أشار إليه الخروج الموحد للمعارضة التي دافعت عن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين"، ثم يزيد بالشرح: "الآلية ليست نهائية، فالكل يترقب قرار المحكمة الدستورية". ويشدد الباحث السياسي على أن "الجانب الآخر من الجدال يرتبط بما هو سياسوي، حيث يدافع كل حزب بطبيعة الحال عن وجوده داخل الساحة السياسية، ويعبر عن آرائه سواء عبر التنظيمات الرسمية أو الموازية"، ليردف بأن "الإشكال يكمن في وجود نسبة عزوف سياسي تقارب السبعين في المائة، مثلما أشارت إلى ذلك تقارير المندوبية السامية للتخطيط". ويشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أن "الرهان كان معقودا على الأحزاب السياسية لاقتراح آليات مواكبة إذا ما رأت أن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين غير منصف لها، حيث توجد تجارب مقارنة تلزم المواطن بالتصويت؛ ومن ثمة، فإن تلك الآلية تندرج ضمن إلزامية التصويت، من خلال تحمل المسجل في اللوائح الانتخابية مسؤوليته". ويسترسل الوردي: "الآلية ستُمكن من رفع منسوب المشاركة السياسية، لأن الديمقراطية التمثيلية تتطلب مشاركة الجميع، على أساس أن التصويت يعد واجبا وطنيا على الصعيد المادي من الناحية القانونية؛ الأمر الذي يستلزم أن تتحمل كل المكونات المجتمعية مسؤوليتها، بالإضافة إلى قيام الأحزاب بأدوارها في ما يتعلق بتأطير المواطنين وصناعة القرار التنموي".