يرفع ملتقى شفشاون للكاريكاتير، ستائر النسيان، عن أحد أبرز الأسماء التي وسمت المشهد الكاريكاتوري المغربي بميسمها الخاص والمميز، الفنان محمد عليوات المعروف بلقبه حمودة(19561998). تذكر حمودة خلال الدورة الخامسة، أيام 7/8 و9 يونيو 2013، ليس مجرد التفاتة إنسانية من مسؤولي الملتقى ، وإنما هو أيضا، رغبة عميقة من جيل الفنانين الشباب الذين تتلمذوا على يديه في رفع قبعة التقدير لروح هذا المبدع الكبير، وهو أيضا مقاومة لشبح النسيان الذي يسربل ذاكرتنا الثقافية والفنية، ويحجب عنا ذكريات الراحلين من فنانيا ومثقفينا. عرف قراء الإتحاد الإشتراكي الرسام حمودة عبر صفحاتها كرسام يومي متعدد المهام، فلم تخصص له الجريدة زاوية قارة منذ التحاقه بها سنة 1983 بل رأت فيه رساما لائقا لملء تلك الفراغات التي كانت تشكل تحديا أمام فنيي وصحافيي ذلك الزمن. وهكذا فقد أضحى حمودة مكرسا بصريا في الجريدة لتواجده في عدة صفحات الجريدة، وإن كان ذلك يشكل عبئا وتعبا إضافيين على الفنان. ولكن حمودة بمثابرته وصبره قاوم متاعب الصحافة، بنفس القوة والجلد الذين قاوم بهما مرض الربو الذي رافقه لسنوات طويلة من عمره، إلى أن انضاف إليه مرض السكري، فاستسلم قلب الفنان في الرابع من أبريل1998. غداة إذاعة جريدة الإتحاد الإشتراكي لخبر وفاته تقاطرت عليها رسائل التعزية وتعبيرات الفقدان، سواء من لدن قرائه البسطاء، الذين أحبوا حركات فرشاته، وإيحاءات رسوماته، أو من فئة النخبة المثقفة التي انبرت تنشر مقالات تأبينية ونقدية احتفائية، تتناول فيها خصائص وأبعاد أفكاره الكرطونية، ظلت تنشرها الجريدة على مدى أسابيع، وقد تبدى للجميع ،حينها، حجم نجومية هذا الفنان وشعبيته الواسعة بين الآلاف من قرائه، عاشها قيد حياته في صمت مطبق لايخلو من تعبير. ترك الراحل حمودة أرشيفا ضخما من أعماله، الموزعة بين الإيضاحي والكوميكس والشرائط المرسومة ورسومات ذهنية تأملية.. لاندري مصيرها اليوم.. وقد أسر لي أحد أقربائه أنه كان قبيل موته بصدد جمع مادة كتاب كان ينوي إصداره، يضم عصارة جهده الصحافي سواء ذلك الذي نشر في الإتحاد، أو في غيرها من المنابر مثل جريدة أخبار السوق والبلاغ المغربي .. لكن الموت عاجله، ولم يتمكن من تحقيق حلمه.