كل الذين كانوا يتهمون عبد الإله بنكيران باستفادته من الريع (90000 درهم شهريا) وهو قاعد في بيته دون أن يعمل شيئا... سيدركون اللحظة كم كانوا مخطئين. بنكيران لا يزال موظفا. صحيح أنه لا يذهب إلى مقر العمل، لكنه يعمل من بيته عن بعد موضوعا رهن الإشارة. شخصيا، حين تعرض بنكيران إلى الإعفاء النهائي من وظيفته، كنت متأكدا من أنه لن يعترف بهذا الإعفاء، وسيعتبره توقيفا مؤقتا عن العمل. سينتظر في أية لحظة قرارا من المدير بإعادته إلى مكتبه، وفي ذات الوقت سيلتقط أية إشارة من مديره كي يقدم متطوعا أية خدمة يثبت بها ولاءه أولا، وأهمية استمراره في الخدمة ثانيا، وقدرته على تنفيذ ما استحال على الكثيرين تنفيذه. هذا ما تصورته، ولكنني كنت مخطئا. إن موقف بنكيران غير المبرر من تقنين الكيف الذي رآه سببا كافيا لتجميد عضويته في الحزب الذي بناه، ولقطع علاقته نهائيا مع رفاق العمر والحركة من قادة الحزب، يجعله يقوم بالمهمة المستحيلة التي استعصى على (العفاريت) القيام بها منذ زمن، وهي شيطنة البيجيدي، وتقزيمه. جزء كبير جدا من آلاف الناخبين الذين استقوى بهم البيجيدي طويلا، أحبوا الحزب من أجل بنكيران، وصوتوا على الحزب بفضل بنكيران، ووثقوا في الحزب لثقتهم في بنكيران. فماذا سيكون موقفهم بعد أن يسمعوا موقف بنكيران؟ وماذا سيحدث في الانتخابات إذا أعلن بنكيران سحب ثقته في هذا الحزب قبل أشهر من هذه الانتخابات؟ بالتأكيد سيخسر البيجيدي على الأقل 40 في المئة من الأصوات المحصل عليها خلال الانتخابات السابقة، أي احتمال فقدان 50 مقعدا بحساب المقاعد الحالية (125). وإذا أضفنا إليها تأثير القاسم الانتخابي الذي سيفقد على إثره الحزب 40 مقعدا، فهذا يعني أن البيجيدي سيكتفي فقط ب 35 مقعدا، متساويا تقريبا مع الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي. هكذا، وبصدور (إبلاغ 1 وإبلاغ 2)، يكون بنكيران قد بدأ في القيام بآخر مهامه خدمة لمن كان يسميهم (العفاريت)، بالإجهاز على أكبر حزب شعبي في البلاد، بعد أن نجح وهو الموظف في الإجهاز على الموظفين والمتقاعدين وعلى صندوق المقاصة... وعلى أي أمل في التغيير.