استطاعت ميس شلش، الفنانة الفلسطينية الشابة، أن تثير إعجاباً ملحوظا خلال حفلاتها الفنية التي أحيتها في أكثر من مناسبة بالمغرب، وهي التي تغني لأجل فلسطين، وتصاحب انتفاضاتها، ويصدح صوتها الدافئ للأسرى والشهداء والمقاومة الفلسطينية.. على مدى 13 سنة من تجربة في الغناء الذي تقول إنه يتميز بالالتزام في اللحن والكلمة "الرسالية". ميس، 24 سنة فلسطينية الأصل وكويتية المولد وأردنية الإقامة، تقول خلال حوارها مع هسبريس، عقب زيارة فنية لها إلى المغرب هذه الأيام، إنها فخورة بتجربتها الفنية، التي نسَجَتها منذ ال11 من عمرها بعيدة عن الأضواء، وأثمرت العشرات من الألبومات والأغاني الحماسية المناهضة للاحتلال الاسرائيلي والمساندة للمقاومة والمتضامنة مع الأسرى والشهداء.. والتي تجاوز صداها العالم العربي والإسلامي. نرحب بك بداية في المغرب.. نعلم أنها ليس الزيارة الأولى؟ فعلا، هي الخامسة لي للمغرب، حيث أقمت حفلات فنية في ملتقيات شبابية ومهرجانات تهم قضايا الأمة وفلسطين، وهي مناسبات كانت رائعة لأن تفاعل الشعب الغربي كان جد رائع. أنت معروفة لدى عينة من الناس، التي هي فئة الملتزمين، لماذا؟ هذا الأمر ليس بأيدينا، لأن الأغاني الهادفة التي أنشدها موجودة في اليوتيوب والمواقع والقنوات الفضائية الملتزمة فقط، فالأمر يعود لباقي الفئات الأخرى.. فأنا أغني للجميع، فالمسجد الأقصى الذي هو مِلكٌ لكل المسلمين.. وعندما آتي إلى المغرب مثلا فأنا أغني لها أيضا.. أعمالي الفنية لا شك أن تشد اهتمام الغالبية من الناس لأننا نطرح رسالة نريد له أن تصل للكل. من هي ميس شلش؟ ميس شلش، أصلي من رام الله، ومن مواليد الكويت عام 1989، وأعيش حاليا في الأردن منذ 1992، كما أني تخرجت هذه السنة في تخصص الصحافة والإعلام. اكتشفت أسرتي خصوصا والدي رحمه الله، موهبتي الغنائية منذ 7 سنوات من عمري، وفي سن التاسعة بدأت مسيرتي الفنية في أداء الأغاني الملتزمة بالخط الوطني والديني والقومي. إذا لستِ فلسطينية، لأن اسمك ظل مرتبطا باسم فلسطين؟ أبي كان من لاجئي ال67، فأصلي إذا فلسطيني، وأنا أمثل فليسطينيّي الخاص أو الخارج. تُغنّين لفلسطين كثيرا، هل زُرتِها من قبل ؟ طبعا، كانت لي زيارات فنية منذ 2010، حيث دخلت فلسطين، بالضبط بالضفة الغربية، بتصريح وليس بفيزا عليها ختم إسرائيلي الحمد لله، وكان الشعور حينها رائعا بأن تغني داخل دولة كنت دائما أغني لها وأنا خارجها. دخلت الضفة ورام الله وجنين وطول الكرم، ولم أتمكن من دخول القدس وأراضي 48 وغزة.. غنيت هناك عن الشعب الفلسطيني وأرضه ووحدته الداخلية ووحدة الشعوب العربية من أجل تحرير فلسطين. كيف تنظرين لتجربتك في الغناء الهادف منذ الطفولة؟ لدي 13 سنة من التجربة في الغناء، ولم أعش طفولتي كباقي الأطفال، لأني عشتها لفلسطين.. وهي تجربة رائعة وإيجابية على العموم.. رغم أن الناس هم من سيقوّمون تجربتي، لكني فخورة بتلك الفترة، لأنها مسيرة هادفة تحمل رسائل إيجابية وتمتاز بسمو الأخلاق والمبادئ الراقية. تقول آراء فقهية أن صوت المرأة عورة، ووفقاً لمُتابعتِنا لمسيرتك فإن الشيخ القرضاوي أجاز لك الغناء من هنا بالمغرب، ألا يشكل لك الأمر حرجا مع الناس؟ كان عمري حينها 17 سنة، حيث أحييتُ حفلا فنيا في المغرب، واستثمرت فرصة وجود الشيخ القرضاوي بمكناس فذهبت إليه، لأني أصررت لسماع فتواه، فوافق الشيخ على استمراري في مسيرتي الفنية، بشروط معنية. وشكل لي الأمر حينها اطمئنانا داخليا، واقتنعت أني لا أقدم أمرا "غلط"، لأني أغنّي للأسرى والشهداء، وأرى الناس تتأثر وتبكي.. فالناس يحترمون ما أقدمه لهم. ما هي شروط فتوى القرضاوي؟ أن يكون لباسي محتشما وكلماتي هادفة، مادام أنها تحث على الجهاد والنضال، أيضا وقفتي على المسرح.. وأهم شيء هو النية الخالصة لله، بعيدا عن نية المال والشهرة. ألا تتضايقين من نعت صوتك بعورة؟ للأسف هناك بعض من المنشدين يعتبرون صوتي عورة.. وعموما، يبقى الإحساس لدي عاديا جدا، لأني أحترم مواقف الآخر، رغم معارضتها لي، ولا أتسارع أبدا في الرد عليهم، لأني أحترم الرأي ما دام في حدود الأدب واللباقة. ما الجديد الفني لميس شلش؟ آخر نشيد لي تحدث عن الأسرى "مكتوب على جبينك وطن"، تفاعلا مع الصفقة الأخيرة للإفراج للأسرى.. وقبل شهرين نزلت أغنية "ناديت والعالم اسمع" المهداة للشعب السوري. لماذا فقط أغاني فلسطين والأمة، ماذا عن المشاعر الإنسانية وباقي المواضيع؟ غنيت كثيرا عن الإسلام، عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومكة وتعاليم الدين وأخلاق الجار وعن مرضى السرطان واليتيم وحوادث السير.. لكن للأسف في الأردن والخليج تنتشر أغنانيّ الوطنية، في حين تنتشر الأغاني الدينية بكثرة في السعودية التي تمنع كل ما هو وطني. أنا لا أغني في الأعراس والحفلات العامة، كما يفعل بعض المنشدين، وفيما يخص الغناء عن الأحاسيس، فهي موجودة في إطارها الملتزم. ماذا عن تصوير فيديو كليب؟ لا أبدا، لا أصور الفيديو كليبات، ولا أحب ذلك، وهو ما يثير استغراب بعض الناس.. أنا بنت ولي خصوصيتي وبيتي، ونحن نظل شرقيين، لأن الإنسان الذي يتوق للزواج من هذه الفتاة يريد أن يكون فخورا بها، وأن تكون له وليس للناس. مبدئي واضح، ووضعت إطارا لنفسي ولا أتجاوزه. ما رأيك في موجة الإنشاد الإسلامي الذي تجتاح العالم؟ لكل منشد إطاره الخاص به، وليس لدي أي تواصل مع المنشدين الآخرين.. أنا شخصيا أقدم أغاني بموسيقى ليس للرقص على إيقاعها، نعم قد يصفق الناس ويفقوا "وينبسطوا"، لكن بكلمات هادفة تشعر الآخر أن لديه انتماء لهذا الوطن العربي. وعموما، يبقى للإنشاد تأثيره في الشعوب، أيا كان المنشد، وأعتقد أننا نحن كمنشدين استطعنا أن نوصل رسائلنا للجميع، ولا شك أن ثورات الشعوب العربية كان لها نصيب من هذا التأثير. لكن سبق وصرحتم بتواصلكم مع الفنانين عبد الفتاح عوينات وأيمن رمضان؟ أناديهم بعمّو عبد الفتاح وعمّو أيمن، وما زلنا نتواصل في إطار أسري والعلاقات الاجتماعية، كما كان لي حضور في الاستوديو الخاص بهم. المنشدون ولله الحمد يحترمونني.. هل شاركت في مظاهرات الربيع العربي في الأردن أو خارجه؟ أنا كباقي الناس أتابع الأوضاع، وأنا أمتنع عن النزول لمظاهرات فيها اختلاط وتزاحم مع الجماهير.. الله أعطاني موهبة الغناء، وأبث عبرها رسالتي، أنا أتواصل بشكل أعمق في الأغاني.. نزولي للمظاهرات لن يفيد في شيء، لكني غنيت مثلا مع المنشد يزن نسيبة، عن الثورة السورية، وهي أغنية جيدة ومؤثرة، حيث اذيعت في قناة مصر 25، كما وصل صداها القوي للسوريين الذي قدموا لي الشكر والامتنان. لكن ما هي مواقفك مما جرى ويجري الآن في سوريا مثلا؟ أنا ضد الظلم، الشعب والأطفال "عم بيموتو ولازم تكون وقفة العربية". ماذا عن القضية الفلسطينية؟ الوحدة الداخلية الوطنية بين الفصائل هي الأساس من أجل إضعاف العدو الصهيوني، ومن أجل الإفراج عن كل السرى في سجونه وعودة اللاجئين وأن تحرر القدس وتظل عاصمة فلسطين.. وماذا عن المغرب؟ بدون مجاملة، أشعر أن المغرب وطني الثاني، وحين قدومي هذا الأسبوع، أحسست أن الأجواء لم تتغير.. لدي صداقات حميمية مع زميلات لي في أكادير وطنجة، ونتواصل عبر الهاتف والإيميلات. كلمة اخيرة؟ أود التعبير عن تقديري ومحبتي للشعب المغربي، بلاد الخير، وأتمنى دوام الأمن و الأمان عليه ان شاء الله