حافظ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على خطه السياسي نفسه حتى اللحظة الأخيرة لمغادرته البيت الأبيض، حيث رفض المشاركة في التقاليد الأمريكية لتنصيب الرئيس الجديد جو بايدن، رغم كافة الضغوط التي تعرض لها، مفضلا ألا يكون موجودا عندما يأتي الوافدون الجدد على مبنى "الكابيتول". وكما عهده الأمريكيون، أصر ترامب على ترك رسالة ذات دلالة كبيرة لخلفه قال فيها: "سنعود مجددا بطريقة أو بأخرى". لم يحدد ترامب طريقة العودة، لكن المعلقين فهموا من كلامه رغبته في الترشح من جديد لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد نهاية ولاية بايدن إذا اكتملت على خير. دخل الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض مهرولا، كما صوره الصحافيون، مدعوما بإعلام قوي، لكن ما يهمنا في المغرب هو علاقة الساكن في البيت الأبيض بقضيتنا الوطنية، وقد كان دونالد ترامب بالنسبة للمغرب أحسن رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكونه الوحيد الذي تحلى بشجاعة كبيرة ليعلن أن الصحراء مغربية، وقد بذل فريقه جهدا كبيرا لترسيم هذا القرار وإيصاله إلى الأممالمتحدة. لذلك، استحق هذا الرئيس عن جدارة الوسام الذي منحه له الملك محمد السادس في احتفالية خاصة، بعيدا عن عيون الصحافة... مَنْ مِنَ المغاربة يمكنه أن ينسى "الصهر الذكي" جاريد كوشنير، كبير مستشاري البيت الأبيض، الذي كان يلتهم الملفات الصعبة، قبل أن يتوفق في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنافرة في الخليج؟ من يمكنه أن ينسى إيفانكا ترامب، ابنة ترامب المرضية، التي ارتدت "الجابادور" في سيدي قاسم وهي تزور النساء السلاليات؟ من يمكنه أن ينسى السفير دافيد فيشر الذي أعاد رسم الخريطة المغربية بكامل أقاليمها الجنوبية؟ من يمكنه تجاهل كلمات ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية، الذي قال في قلب العاصمة الجزائرية إن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد الواقعي لقضية الصحراء؟ شكرا ترامب لموقفك التاريخي إزاء الصحراء المغربية، هذه العبارة يلخصها حصول الرئيس الخامس والأربعين في أمريكا على أرفع وسام مغربي، وهو "الوسام المحمدي". طبعا، هناك من ينساق وراء الدعاية الكبرى التي تحاول الإساءة لقضية الصحراء، ومنهم الأصوات الحالمة بتراجع أمريكا عن اعترافها بمغربية الأقاليم الجنوبية، بل إن فيسبوكيين شاردين اعتبروا أن ترامب أسوأ رئيس في تاريخ أمريكا، لكن أي عدل هذا؟ هل كان لقضية الصحراء أن تحقق مكاسب مثل ما حققته اليوم في عهد أي رئيس آخر؟ اليوم، تم استقبال جو بايدن في البيت الأبيض، لكن الأكيد أن "شبح ترامب" مازال يخيم على المكان، وستثبت الأيام المقبلة صعوبة مهمة الرئيس الجديد، لا سيما أن النتائج السياسية لا تعكس تفوقا كبيرا للفريق الجديد، سواء في مجلس النواب أو في مجلس الشيوخ. من "الاعتراف" بكورونا، والعودة إلى اتفاقية المناخ، وصولا إلى استرجاع التفاهم مع إيران، وإلغاء إجراءات بناء الجدار العازل مع المكسيك... هذه أولى ملفات الرئيس السادس والأربعين في تاريخ أمريكا، جو بايدن، والأمل معقود على حكماء أمريكا للحفاظ على الخط السياسي نفسه في التعاطي مع قضية المغاربة الأولى.