الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في معرض الفلاحة    القرض الفلاحي للمغرب يعقد شراكة استراتيجية مع شركة "تربة" لدعم الزراعة التجديدية    بودريقة يقضي أول ليلة في سجن عكاشة بعد ترحيله من ألمانيا    مونديال 2030 يدفع بالشراكة المغربية الفرنسية نحو آفاق اقتصادية جديدة    "اللبؤات" يبلغن نصف نهائي "الكان"    إسرائيل تدين قرار حكومة إسبانيا    الحكومة تعتزم رفع الحد الأدنى للأجور الى 4500 درهم    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    جلالة الملك يعطي انطلاقة خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    محمد رضوان رئيسا لقضاة إفريقيا    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    أعمال تخريب بمركب محمد الخامس    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    السجن لشرطيين اتهما ب"تعذيب وقتل" شاب في مخفر الأمن    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    دورة "سمية العمراني" بمهرجان "معًا" بطنجة.. تكريم لروح العطاء ودعوة لدمج شامل لذوي الإعاقة    الهند تُعَلِّقْ العمل بمعاهدة تقاسم المياه مع باكستان    بايتاس: الاعتمادات الجديدة في الميزانية ممولة من الضرائب لسد الالتزامات ودعم القدرة الشرائية    رفع قيمة تعويض الأخطار المهنية للممرضين والإداريين والتقنيين.. وإقراره لأول مرة للأساتذة الباحثين بالصحة    الوداد ينفصل عن موكوينا ويفسح المجال لبنهاشم حتى نهاية الموسم    الوكيل العام باستئنافية مراكش يأمر بفتح تحقيق في قضية تصوير محام مكبل اليدين داخل سيارة شرطة    واتساب تطلق ميزة الخصوصية المتقدمة للدردشة    بنكيران يدعو إلى جمع المساهمات من أجل تغطية مصاريف مؤتمر "البيجيدي"    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    جماعة بوزنيقة تؤجل جلسة كريمين    نبيل باها: الأطر المغربية تثبت الكفاءة    رئيس الحكومة يقف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    منظمة دولية تندد ب"تصعيد القمع" في الجزائر    أخنوش يترأس جلسة عمل للوقوف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    الملتقى الدولي لفنانين القصبة بخريبكة يؤكد ضرورة الفن لخدمة قضايا المجتمع    الكتاب في يومه العالمي بين عطر الورق وسرعة البكسل.. بقلم // عبده حقي    المجلس الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى احترام حق الجمعيات في التبليغ عن جرائم الفساد    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    روبي تحيي أولى حفلاتها في المغرب ضمن مهرجان موازين 2025    سلسلة هزات ارتدادية تضرب إسطنبول بعد زلزال بحر مرمرة وإصابة 236 شخصاً    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة: المغرب نموذج بارز للابتكار    الجيش المغربي يجري مناورات "فلوطيكس 2025" في المتوسط لتعزيز جاهزية البحرية    الصين تعلن عن التجارب الجديدة لعلوم الحياة في محطة الفضاء    خالد بوطيب يجبر فيفا على معاقبة الزمالك    برادة يحوّل التكريم إلى "ورقة ترافعية" لصالح المغاربة و"اتحاد الكتاب"    السبتي: العنف الهستيري ضد غزة يذكّر بإبادة الهنود الحمر و"الأبارتايد"    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة ابنة البقال مع الملكة
نشر في هسبريس يوم 12 - 04 - 2013

ماتت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، مارغريت تاتشر، وسيظل اسمها محفورا في رخام التاريخ. رحلت من كانت توصف بالمرأة الحديدية، وستبقى سياساتها واختياراتها وشخصيتها دروسا للأجيال القادمة في بريطانيا وخارجها. إنها قصة فريدة من قصص القرن العشرين.
امرأة فقيرة تتزعم حزبا محافظا أرستقراطيا. امرأة تكسر احتكار الرجال للمناصب العليا في الدولة، وتصبح رئيسة وزراء بريطانيا العظمى، صاحبة التقاليد العريقة. ابنة بقال كانت تساعده في النهار، وفي الليل تصعد إلى شبه غرفة في المتجر ذاته لتراجع دروسها، تجد نفسها يوما تجلس مع الملكة كل أسبوع...
إنها الإرادة والعصامية والعرق والجهد في بلاد تقدر كل هذا. تاتشر كانت امرأة ذات اختيارات سياسية واقتصادية واضحة، وإذا اقتنعت بشيء تذهب في طريقه إلى آخر المشوار، وهذا هو سر نجاحها وتحولها إلى أسطورة. لما اعتلت كرسي رئاسة الوزراء سنة 1979، رفعت شعار: «إصلاح علاقة الدولة بالسوق»، فعمدت إلى خلخلة الإدارة، وتقليم أظافر النقابات العمالية، ونهج اقتصاد سوق قطع مع بقايا الدولة الراعية... اندلعت حولها زوابع وحرائق، لكنها صمدت وسط الإعصار، ولم تكن الشجاعة ولا الفصاحة ما ينقصها.. كانت تخرج إلى الرأي العام في عز الأزمات والإضرابات، وتتحدث بصراحة جارحة وتقول: «هذه بلاد مريضة وعليها أن تعالج، وحتى لو اقتضى الحال أن تعالج بالصدمات سأفعل»...
ونجحت وتعافى اقتصاد «رجل أوربا المريض»، كما كان يوصف في الثمانينات حتى وإن كانت التكلفة غالية. على الصعيد الدولي، عقدت تاتشر مع الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان حلفا «مقدسا»، وكانت اختياراتها واضحة. رفضت السكوت عن الميز العنصري في دولة جنوب إفريقيا، رغم أن دعاة «الكومنولث» ترجوها أن ترفق بالأقلية البيضاء، لكنها كانت صارمة، وظلت على علاقة بمانديلا وحزبه، كما أنها شجعت «فريديريك دوكليرك» على تفكيك النظام العنصري، وفعلت الشيء نفسه مع الاتحاد السوفياتي، حيث كانت تحرض غورباتشوف على ترويض الدب السوفياتي.
علاقتها بالملكة قصة مثيرة. كانت ابنة البقال تحب الملكة وتحترم العرش، لكنها كانت تعرف قيمة وأهمية منصب رئاسة الوزراء. لم تكن علاقة سيدتي بريطانيا ودية دائما. كانت بينهما خلافات وأزمات، بعضها سياسي وبعضها شخصي. كانت الملكة تترك مارغريت تاتشر تنتظر في غرفة الاجتماعات الأسبوعية في قصر باكنغهام لمدة 15 دقيقة، وكانت رئيسة الحكومة تأتي قبل الموعد بربع ساعة...
مرة عمد كبار دهاقنة القصر إلى تسريب قصة خلافات الملكة مع رئيسة الوزراء إلى الصحافة، وخرجت أكثر من جريدة في بريطانيا تحمل جملة صادمة: «الملكة تعتبر سياسة تاتشر غير عادلة»... كانت صدمة كبيرة في بلاد لا تتدخل فيها الملكة في السياسة علنا، لكن المرأة الحديدية لم ترد، وامتصت الضربة، لكن بعد أسبوع قدم الملحق الصحافي للقصر استقالته، وفهم الجميع الرسالة.
مرة طلبت تاتشر من موظفي القصر أن يخبروها ماذا ستلبس الملكة في حفل كبير حتى لا تلبس مثلها. غضبت الجالسة على أعرق عروش العالم، وبعثت إليها رسالة تقول: «البسي ما شئت، فالملكة لا تنظر إلى لباس الآخرين»... ومع ذلك، لما قدمت تاتشر استقالتها في التسعينات كرمتها الملكة بما لم تكرم به أحدا.. وسام رفيع وحفلة باذخة، فحتى لو لم تحبها كانت تعرف قيمتها.
إنها تجربة فريدة ومفيدة لتعايش العروش التقليدية مع الديمقراطية الحديثة. الملكة لا تخطب إلا بعد أن ترسل نص الخطاب إلى رئاسة الوزراء، والحكومة تحكم لكنها تتشاور مع القصر. الملك باق ورئيس الوزراء زائل. قد تتخذ الحكومات قرارات لا تروق القصر، لكن الملكة لا تتدخل، لكنها عندما تفعل في مرات قليلة تحت ضغط الشارع، فإن الحكومات تشرع في البحث عن حلول للأزمات... أليست السياسة فن حل الأزمات.
❊ مدير "أخبار اليوم المغربية"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.