إنها المرأة الحديدية كما لقبها السوفيات، المرأة التي قادت بريطانيا لأكثر من عشر سنوات، بنت البقال، السيدة مارغرييت تاتشر، ولدت هذه السيدة ب البلدة المسماة كرنثام Grantham في 13 من أكتوبر 1925. اتسمت هذه السيدة بشخصية قوية منذ طفولتها، كما وهبت صوتا حادا يميزها عن غيرها، وكأن قدرها كان يقودها لتكون زعيمة دولتها، وهي المنحدرة من عائلة ذات دخل متوسط استطاعت السيدة تاتشر أن تحصل على مقعد للدراسة في جامعة أوكسفورد أكبر وأعرق الجامعات في بريطانيا والعالم، شخصيتها القوية جعلتها دائما في المقدمة ليس فقط من بين النساء بل و من بين الرجال أيضا وقد استطاعت بفضل هذه الشخصية أن تشد انتباه رجل الأعمال الكبير دنييس تاتشر الذي تزوجها بعد أن اشترطت عليه أنها لا تريد أن تموت وهي تغسل فجان شاي، في إشارة إلها أنها لا تريد أن تكون كأي امرأة تعيش في ظل الرجل، إنها تريد أن تكون نفسها، لا تعلق حلمها برجل بل حلمها وقدرها تصنعه بنفسها. زواجها هذا سيساعدها على دخول البرلمان البريطاني كأول سيدة بريطانية تقتحم مجال السياسة بقوة، وذلك سنة 1959 كنائبة عن حزب المحافظين، قبل أن تصل سنة 1975 إلى قيادة نفس الحزب حين كانت رغبتها في الترشح فقط من أجل زعزعة نظام الحزب ودق ناقوس الخطر فيه، إلا أنها وجدت نفسها زعيمة لأكبر وأعرق حزب في المملكة العظمى، بعد ذلك بسنتين وبعد الانتخابات العامة سيكون تاريخ وصول أول سيدة في أوروبا وفي بريطانيا لمنصب رئيسة الوزراء والتي ستقود بريطانيا من سنة 1979 إلى سنة 1990 بعد أن كانت قد شغلت بقوة منصب وزيرة التعليم من 1970 إلى 1974. ستتسلم هذه السيدة زمام الأمور في بريطانيا بعد أزمة البترول والطاقة سنة 1973 وما ترتب عنها من أزمة عالمية عصفت بكبريات الاقتصادات العالمية، والتي جعلت بلدان العالم الثالث تعتمد برامج التقويم الهيكلي. لكن بفضل سياسة هذه السيدة الحديدية تمكنت من نقل بلدها من أزمة حقيقية، فصرخت بقوة ضد الاشتراكية والاشتراكين ودافعت عن السياسة النيوليبرالية وتبنت نموذج الخوصصة فباعت كل مناجم بريطانيا، ونقلت البلد من الاعتماد على الصناعات الثقيلة إلى الاعتماد على الصناعات المتطورة الأكثر فعالية. وصفها معارضيها بأنها ضربت النقابات والحقوق الاجتماعية أيما ضربة وأنها قضت على الطبقة المتوسطة و أنهكتها بينما أغنت الأغنياء وأنها الليبرالية المتوحشة التي كانت يفترض فيها أن تكون الأم الحنونة. لكنها كانت ترد عليهم إنهم يؤمنون بالثورة بينما أنا أومن بالفعل هو يبحثون في التاريخ بينما أنا أبحث في الحاضر وفي المستقبل، فكانت تردد بأنه سوف يكرهك الناس اليوم، لكنهم سوف يشكرونك لأجيال وأجيال. أنها نموذج السيدة التي لا تكتفي فقط بصناعة قدرها بنفسها بل تصنع معه قدر بلدها وهي التي كانت تردد دائما: راقب أفكارك لأنها تصبح كلماتك راقب كلماتك لأنها تصبح أفعالك راقب عاداتك لأنها تصبح شخصيتك راقب شخصيتك لأنها تصبح قدرك نحن فعلا من نصنع قدرنا بأفكارنا وأفعالنا..اليوم تغادرنا السيدة تاتشر عن سن يناهز 87 بعد أن عاشت مرحلة من الخرف الذهني تغادر هذه السيدة العالم بجسدها لكنها تترك خلفها نموذج المرأة التي تستطيع ليس فقط تغير وضعها كامرأة لكن تستطيع أن تغير معها العالم ولكم يا نساء المغرب في السيدة تاتشر نموذجا ومثلا.