تفاعلت إحدى خطب الجمعة مع النقاش العام المتعلق بالاحتفال برأس السنة الأمازيغية، بعد دعوة "مشايخ" ذوي نزعة متشددة إلى "تحريم" الطقوس العرفية الخاصة بيوم "إيض يناير"، ما جعل الخطبة تلقى إشادة كبيرة من لدن المواطنين المغاربة. وأعادت "خطبة السنة الأمازيغية" تسليط الضوء على الدور الأمني والتثقيفي الذي تضطلع به المساجد في زمن التطرف الديني، حيث يسعى بعض "المشايخ" الذين يمتحون من المرجعية الوهابية إلى غرس بذور الكراهية وسط المجتمع المغربي، الذي تتعايش فيه جميع الثقافات والأديان عبر التاريخ. وبالنظر إلى تزايد فتاوى التحريم من خارج الإطار الديني المؤسساتي، صار لزاماً على المساجد أن تواكب النقاشات المجتمعية التي تُحدث جدلا كبيرا في الأوساط الافتراضية، بغية دحض التوجهات الدينية المتشددة، عوض الاكتفاء بتكرار خطب منبرية تتناول مواضيع "مستهلكة". وفي هذا الإطار، قال رشيد أيلال، كاتب مغربي متخصص في الشؤون الدينية، إن "الخطبة المتداولة تبرز الدور المحوري للمساجد في التوعية، فمن شأنها رتق الفرقة التي يريد أن يصنعها المد الوهابي بالمغرب، بعدما انتشرت بعض الفتاوى التي تتلبس لبوس الإسلام، ما يتطلب مواجهتها باجتهادات أخرى من داخل المنظومة الإسلامية". وأضاف أيلال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "دور المساجد ما زال مغيّبا في الوقت الذي ينبغي أن تشكل فيه الثقافةَ البانِيَةَ بدل الهدامة"، مبرزاً أن "المغاربة كان يلجؤون قديما إلى المساجد لحل مشاكلهم، غير أن تفشي المد الوهابي بها، حوّلها إلى وسائل للتحريض على الكراهية والعنف". وأوضح الكاتب أنه "يجب إرجاع الدور الإيجابي للمسجد في تشكيل المواطنة وخلق البعد الإنساني، وتدعيم مصالحة المغاربة مع الثقافات المتنوعة، التي تشكل الأمازيغية رافداً كبيرا من روافدها"، ثم زاد متسائلا: "أي حكمة في تكفير تسعين بالمائة من سكان المغرب لأنهم احتفلوا فقط بثقافتهم؟". وأورد المتحدث أن "الاحتفال برأس السنة الهجرية لا علاقة له بالإسلام، حيث يعترف هؤلاء المشايخ أنفسهم بأن التقويم الهجري أحدثه عمر بن الخطاب، وبالتالي فهي دعوة إلى تشجيع الثقافة العروبية ضد الثقافة الأمازيغية، فيما المغاربة في غنى عن هذه الصراعات لأن ما يجمعهم هو الوطن الواحد".