توصلت الجريدة عبر بريدها الالكتروني برسالة من شخص رفض الكشف عن اسمه الحقيقي، فقط، قال في رسالته الالكترونية انه ضحية عملية هجرة وهمية بعقد وهمي هو في الحقيقة عبارة عن تأشيرة للدخول إلى دولة الإمارات ليس إلا.. "" "الشعاع"، تتبعت خيوط هذه الرسالة بغض النظر عن صدق ما جاء فيها من عدمه، وبدأت التحقيق في ملف كبير ومتشعب كلما توصلنا فيه لمعلومات معينة إلا وزاد يقيننا أننا أمام ملف تتداخل فيه الهجرة الوهمية مع عقود وهمية لشبكة "لتصدير البشر" إلى فيافي الإمارات. فمن شباب فور وصولهم إلى مطار دبي لا يعرفون ما هي خارطة الطريق التي عليهم سلكها بعدما يجدون أن من كان يجب أن ينتظرهم حسب الاتفاق المبرم هو في الأصل غير موجود، إلى شابات ونساء من مختلف الأعمار غالبا ما يكون مصيرهن العمل في الدعارة الراقية أو الرخيصة في دبي أو مدينة العين أو مدن صغيرة متاخمة مع حدود سلطنة عمان.. أول الخيوط التي ركزنا عليها في تحقيقنا كانت هنا في مدينة سيدي قاسم، حيث بحثنا عن بعض ضحايا هذه الشبكة وعن أعضائها الذين توصلت "الشعاع" لأسمائهم وهواتفهم وصفتهم بطرقها الخاصة، كما توصلنا باسم الشخص الذي يوضب كل الوثائق المتعلقة بتأشيرة الدخول إلى دولة الإمارات، وهو الشخص المدعو (إ-ز) والمقيم في إمارة دبي. أما أهم عنصرين في شبكة التهجير هنا في سيدي قاسم، فهما (خ) و (ع)، وهما المسئولان عن ترتيب المواعيد مع الراغبين في الهجرة إلى الإمارات، هذا بالإضافة للمدعو(إ-ز) وهو نسيب (ع)، والمكلف بتهيئة التأشيرات في الإمارات، حيث يتقدم بطلب زيارة للمكتب السياحي في دبي مرفقة بنسخة من جواز السفر وصورة للضحية على أساس أنه تاجر يريد زيارة دبي لمصلحة معينة. أما العنصر النسوي فيكون سبب الزيارة بالنسبة لهن مختلف باختلاف الفوج الذي سيحل على الإمارات الخليجية، وحسب التوقيت الذي يجب أن يوافق شهورا معينة لا يكون فيها التشديد عند مداخل المطارات، كما أن الوعود التي تقدم لهن هي عبارة عن عمل شريف في محلات للحلاقة أو في بيوت كخادمات ومقاهي كنادلات بأجر مغري.. على هذا الأساس تدفع الضحية مقابلا ماديا يوازي 2.5مليون سنتيم، وغالبا ما تدفع هذا المبلغ بدون ضمانات سوى ضمانة الوعد الذي يقطعها لها كل من(خ) و(ع) على أساس أنهن سيجدن من يرافقهن من مطار دبي إلى مكان يقمن فيه إلى أن تجهز أوراق إقامتهن بشكل قانوني ورسمي، لكن الواقع عكس كل هذه الأحلام الوردية.. حيث أن الكثيرات ممن وصلن إلى دبي لم يجدن غير الضياع ينتظرهن والتوهان هو مصيرهن..