شهدت مدينة الدارالبيضاء، ليلة أمس، تساقطات مطرية غزيرة تسببت في حدوث فيضانات وسيول جارفة، أغرقت المدينة في الأوحال وخلفت خسائر في البنية التحتية وتسببت في تعطل حركة السير لساعات، بينما أعلنت السلطات تعبئة الموارد البشرية واللوجستيكية من أجل الحد من تأثير هذه التساقطات. وغاصت العاصمة الاقتصادية أمس في مياه الفيضانات بعد ساعات قليلة من تهاطل الأمطار، التي بلغ متوسطها 33,7 ملم بين الساعة الرابعة بعد الزوال والتاسعة ليلا، مع تسجيل تساقطات قصوى بلغت 53 ملم. وتوزعت هذه التساقطات وكان لها تأثير بشكل خاص في مناطق الهراويين، مديونة، تيط مليل، أهل الغلام، دار بوعزة، بوسكورة، حي السدري، مولاي رشيد، عين الشق والحي الحسني. ويتخوّف مواطنون مغاربة من عودة "شبح" الفيضانات القوية التي شهدتها مدن عديدة خلال عام 2017، خاصة مدينتي سلاوالدارالبيضاء، بينما يطالب نشطاء بمحاسبة المسؤولين المحليين الذين يغامرون بأرواح الناس، دون أي تدخل "جدي" لتفادي وقوع كارثة. وللحد من تأثير هذه التساقطات المطرية القوية على مستوى الدارالبيضاء، عبأت "ليدك" 358 عونا، ضمنهم أطر وعمال التدخلات المختصون في مجال التطهير السائل، و233 وحدة (17 شاحنة تطهير كبيرة، و19 شاحنة تطهير صغيرة، و58 مضخة، و132 عربة نقل كبيرة وصغيرة، و7 سيارات رباعية الدفع)، وذلك من أجل تأمين مختلف التدخلات على مستوى شبكة التطهير السائل. وقال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، إن "مشكل الفيضانات دائما ما يتجدد مع سقوط الأمطار، خاصة في مدينة الدارالبيضاءوسلا ومراكش، وهي مدن اتبعت سياسة الأنفاق بدل القناطر المعلقة التي تحول دون وقوع هاته السيول الجارفة من المياه والتي تشوه المدن وتخلف خسائر مادية وبشرية كثيرة". وتساءل الخراطي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية عن دواعي اختيار بعض المدن تشييد الأنفاق بدل القناطر، موردا: "سبق لنا أن توجهنا إلى وزارة التجهيز بخصوص هذا الموضوع إلا أنها لم ترد على استفساراتنا"، مشيرا إلى أنّ "البلدان التي تشهد كميات كبيرة من الأمطار خلال فصل الشتاء تقوم بتشييد القناطر المعلقة حتى لا تحدث الفيضانات والاكتظاظ على مستوى الطرقات". وأضاف المسؤول ذاته أن "بناء الأنفاق مشروع فاشل في المغرب لأنه غير مرتبط بمحطات الضخ"، معتبرا أن "هذا التوجه أعطى نتائج سلبية في مدن عدة. كما أن هناك دراسات تقنية لا تأخذ بعين الاعتبار علم المناخ والطقس واحتمال نزول الأمطار بغزارة"، مبرزا أن "مجلس المدينة يتحمل المسؤولية الكاملة في ما حدث في الدارالبيضاء". مستبعدا أن تعيش باقي المدن الكبرى السيناريو نفسه.