1) لا أستطيع أن أخفي سعادتي ب"الانجاز" الجديد الذي حققه المنتخب الوطني لكرة القدم، بعد الهزيمة المذلّة التي حصدها أمام المنتخب التنزاني المغمور، بحصّة مُخجلة بلغتْ ثلاثة أهداف لواحد. لم أشاهد المباراة، لأنني لست من هواة تضييع الوقت أمام الشاشة لمشاهدة مباريات منتخب هاو بدون خطة وبلا روح قتالية للدفاع عن القميص الوطني، لذلك عندما علمتُ بالنتيجة النهائية للمباراة التي جعلت المغرب يُقصى من التأهل إلى نهائيات كأس العالم شعرتُ بسعادة وفرح وسرور، فعلى الأقل لن تضيع مئات الملايين وربما الملايير في الاستعدادات والتربّصات لكأس العالم، التي يعودون منها كلما تأهلوا، بخفّي حنين؛ فيا لها من سعادة غامرة! 2) غمرتني السعادة أيضا، لأنّني لن أرى في الشارع المغربي تلك الفرحة البلهاء التي تعْقُب كل انتصار تافه أو تأهل إلى منافسة قارية أو عالمية، والتي يَسْعدُ بها حكّام البلد أيّما سعادة، لكونها تشكل مخدّرا لتنويم الشعب، وإلهائه عن قضاياه الحقيقة. لستُ من "كارهي" رؤية العَلم الوطني وهو يرفرف في سماء الملاعب التي تحتضن المنافسات القارية والعالمية، لكنّ ذلك يجب أن يكون مشروطا بامتلاك الدولة نيّة السعي إلى الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين، على جميع الأصعدة والمستويات أولا، قبل التفكير في الارتقاء بمقام كرة القدم، فما يحدث حاليا، هو أنهم يبذلون جهودا، وينفقون الملايير، من أجل تحقيق نتيجة كروية جيدة (ولم يفلحوا مع ذلك سوى في الظفر بالنكسات والهزائم والنكبات)، وبعد ذلك "يقلزون لنا من تحت الجلابة"! 3) أنا لا أفهم كيف لمواطن، يعاني كافة أشكال الظلم والقهر والاضطهاد، ويعيش ظروفا اجتماعية مزرية في دولة مستبدّة، أن يخرج إلى الشارع عندما ينتصر المنتخب الوطني لكرة القدم، أو يتأهل إلى كأس قارية أو عالمية، ليعبّر عن فرحته، وهو لا يملك في جيبه حتى ثمن دفع مشروب في مقهى. كنتُ سأحزن لهزيمة المنتخب الوطني أمام تنزانيا وإقصائه من التأهل إلى كأس العام، لو كان المغرب بلدا ديمقراطيا، يوفّر لشعبه الكرامة والحرية والظروف الاجتماعية الملائمة، أمَا وكلّ هذه الأمور غائبة، فلن أحزن أبدا، بل سأفرح أيّما فرح، وأسعد أيّما سعادة، تعبيرا منّي عن رفضي للانضمام إلى الأغلبية التي يضحك عليها حكام البلد، ويلهونها ب"الخوا الخاوي"! 4) ما يهمّني كمواطن مغربي، ليس هو أن أعرف هل تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم أم لا، إنما المهمّ بالنسبة إليّ هو معرفة الرتبة التي يحتلها المغرب على سلم التنمية البشرية، والتي يمسك بذيل ترتيبها قابعا في المرتبة 130، حسب إحصائيات الأممالمتحدة التي لا يستطيع أحد أن يشكك في نزاهتها. ما يهمّني هو أن أعرف أولا كم يتقاضى علي الفاسي الفهري كل شهر، ومن أين يستمدّ نفوذه الذي جعله يمتنع حتى عن عقد الجموع العامة للجامعة، في تحدّ لوزير الشبيبة والرياضة؛ ولماذا وصل أصلا إلى رئاسة الجامعة بلا منافسة، بعد أن كان هناك حديث عن كونه "مرشّح القصر"؟ ما يهمّني هو أن أعيش في وطن تسود فيه الديمقراطية، والعدل والمساواة، ولا يهمّ بعد ذلك إن كان لدينا منتخب كرة أم لا، فالولايات المتحدةالأمريكية على عظمتها وقوتها وجبروتها لم يعرف شعبها شيئا اسمه كرة القدم إلا عندما نظمت نهائيات كأس العالم سنة 1994، بينما هؤلاء ينفقون الملايير على الكرة، رغم أن المغرب غارق في التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ إنهم يتركون المهمّ والأهمّ جانبا، ويهتمّون بالتفاهات، عملا بقاعدة "ديرْ العْكر فوق الخنونة"! [email protected]