شكلت المناطق الصحراوية دوما موقعا استراتيجيا،وسياسيا وروحيا مهما...و اختيار الجهوية الموسعة لاستيعاب مشروع الحكم الذاتي مؤشر مهم لتطوير البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية....إضافة إل رسم معالم السلم في منطقة تعج بمخاطر كثيرة. لذلك وصف هذا المشروع بالجدية والمصداقية من قبل المنتدى الدولي..لأنه سيحقق التنمية المباشرة في إطار تضامني مؤصل في تقاليد الساكنة. إن مقاربة الجهوية المتقدمة عامل لتطوير كل المفاوضات في إطار الوحدة..وقد أشار الدستور إلى هذا النوع من التسيير الذاتي المبني على روح الديمقراطية التشاركية والمواطنة التي تحتم على المواطنين المساهمة في التنمية بمفهومها الأفقي والعمودي... بناء على منطقي الوحدة والسيادة...لأن هذا هو الطريق السليم لإشراك النخب في التنمية وبناء المشروع السياسي الجهوي المساهم في الوحدة...وأنا على يقين تام بأن نجاح المشروع السياسي والتنموي في المناطق الجنوبية سيكون حافزا مهما لبناء نماذج متطورة على مستوى ربوع المملكة بالإضافة إلى ما أنجز.... إننا باعتمادنا على المرجعية الدستورية وبالتنزيل الديمقراطي لمقتضياته يمكن أن نحقق أمورا كثيرة على مستوى الشفافية ورسم السياسات العمومية واللامركزية واللاتركيز وتطوير مجالا ت الحريات والحقوق... إن المقاربة التنموية هي المؤسس الحقيقي للمواطنة التي تبنى على مبدأ الثقة...وتؤسس إلى روابط متينة بين المواطنين والمؤسسات.. إن هذا لاننشد من خلاله الرفاهية والغنى وإنما بالدرجة الأولى الإنصاف والعدل والجدية والمصداقية..أنذاك تكون النتائج بالتوافق وبالتالي نرسم معالم الديمقراطية كما تطلع إليها الدستور.. ومن أجل استيعاب هذه القيم يمكن التأكيد على مايلي: لقد تحدث جلالة الملك في أكثر من مرة على إشراك المواطنين في المشروع التنموي. خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ..مع التركيز على الحريات والحقوق لأنه لا سياسات عمومية بدونها. ولا ديمقراطية بدون سياسة قرب مبنية على الثقة والمصداقية..وتشجيع حكامة النسيج الجمعوي..والتعامل مع كل الحساسيات بروح ديمقراطية. إذن هل نحن مؤهلون جميعا لبناء تنمية نموذجية بأقاليمنا الجنوبية تتجاوز أخطاء الماضي وتكون نموذجية لجهات أخرى... إننا مطالبون باستثمار كل الطاقات التي تعج بها مناطقنا الجنوبية من أجل انطلاقة جديدة تعطي إشارات للمنتدى الدولي على أننا عازمون بحول الله على التنزيل الدستوري ومفهومي الجدية والمصداقية التي وصف بها مشروع الحكم الذاتي... لقد بذل مجهود في المناطق الجنوبية منذ 1975 لكن لم نحقق ما كان منتظرا. لذلك لابد من إعادة النظر في المقاربة التي تحتاج أولا إلى تغيير العقليات والانفتاح على كل الطاقات... إن تشجيع الاستثمار بالمنطقة يتطلب الانفتاح على القطاع الخاص وتأمين بنية الاستقبال واتخاذ إجراءات مشجعة ماليا وعقاريا وضريبيا ...نظرا لخصوصية المرحلة المقبل عليها المغرب في المستقبل... ويجب ألا ننسى المكون الحضاري والقيمي لمناطقنا الجنوبية الذي يجب أن يستثمر في هذا البناء المنشود...وإذا ربحنا الاستثمارات الدولية ووظفنا الدبلوماسية الاقتصادية في هذا المجال سنكون قد حققنا مكاسب مهمة من جميع النواحي...وتجاوبا مع هذا المكسب من الضروري أن يجني الجميع ثمار هذا العمل الجاد من خلال تفعيل التشغيل والتوزيع العادل للثروات وتطوير المناخ الاجتماعي العام بالمنطقة...لأن أي نموذج تنموي يجب أن يقدم منتوجا مؤثرا في الحياة العامة... والسؤال الجوهري هل هيأنا المناخ البشري والسياسي لهذا البناء التاريخي المنشود في إطار الربيع الديمقراطي والتصويت على الدستور والأجواء العالمية والوطنية ..... والسؤال الآخر كيف يمكن بناء المناخ العام داخل مناطقنا الجنوبية؟ لابد من تشكيل ثقافة جديدة مستوعبة للمرحلة. واعتماد منطق الشراكة والتعاقد تجاوزا لكل احتكار وزبونية..وتفعيلا للديمقراطية التشاركية والمواطنة...وتبني العمل المندمج والمتكامل وربط المسؤولية بالمحاسبة..والتركيز على الثقافة العامة والخصوصية الحضارية لزرع روح تضامنية أثناء صياغة المشاريع التنموية..التي تعتمد على توفير الخدمات وتشجيع الاستثمار وغرس روح الحكامة والديمقراطية المساهم في التنمية.. وتوفير فرص للشغل والتعلم والسكن والبحث العلمي والاهتمام بالشباب وتحقيق الأهداف السامية التي سطرها جلالة الملك في الخطاب الخاص بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية..وجعل القانون يعلو ولا يعلى عليه..وضمان الحياة المطمئنة للأسرة..وتوظيف المقاربة الترابية والمجالية الذي يحثم الإسراع بالإنتاج التشريعي الجهويي المتقدم والموسع الذي يستوعب مشروع الحكم الذاتي... ثم السعي إلى تشجيع المقاولات ودعم المبادرات خاصة في مجال المشاريع المدرة للدخل..مع التركيز على تكافؤ الفرص والمساواة والمناصفة على قدر الإمكان... والتعاون على محاربة الفساد ونشر الفضيلة بين أعضاء المجتمع..والمساهمة في إنجاح الحوار الوطني لإصلاح العدالة..وكون المنطقة غنية بيئيا فلا بد من وضع إستراتيجية استثمارية وسياحية في هذا المجال..وتوفير كل الضروريات من باب سياسة القرب...وتجاوز المنطق الأمني إلى الاختيار التنموي الذي يؤمن الذات والموضوع والزمان والمكان ويجعل العلاقات سلسة ومرنة بعيدة عن التوثر تفعيلا لعدالة الحريات العامة والحقوق.. وكيفما كانت البرامج التنموية لابد من توفير سلم من القيم نحو الثقة والانخراط الواعي في المشاريع والتعاقد والتكوين والحوار المستمر مع المجتمع المدني وإدماجه في إنتاج التشريع والمراقبة الشعبية من خلال العرائض والمساهمة في بلورة السياسات العمومية وتتبعها وتقويمها.. وفتح باب الأمل..وترتيب الأولويات.. بناء على ما سبق يمكن أن نحدث تحولا مهما على جميع المستويات من حيث المبادئ وآليات الاشتغال وتجويد الحكامة وإنعاش الحياة المهنية والاقتصادية والمالية والسياسية والحقوقية... ولاشك أن ما قام به المبعوث الأممي "روس" بحضوره إلى الملتقى المنظم مؤخرا من قبل جنوب إفريقيا يدل على التحيز الشامل للأسف لهذا المسؤول الذي لدغ المغاربة أكثر من مرة. لذلك أصبح من اللازم أن يشرع المغرب في تهيئ المناخ المساعد لتنزيل مشروع الحكم الذاتي في إطار الجهوية المتقدمة. لقد استرجع المغرب أراضيه من الفرنسيين والإسبان . وانتهت الحكاية لكن رجح عنده اعتماد مقاربة تفاوضية ومتوافق عليها وطرح مشروعا وصف بالجدية والمصداقية، لكن آيادي خفية لاتريد حل المشكل لأنها تستفيد على حساب المواطنين إذن لابد من إيقاف هذه المهزلة والدخول فيما اصطلح عليه بعلم السياسة التطبيقي والذي من أهم معالمه الجهوية المتقدمة ومشروع الحكم الذاتي. لقد صوتنا على دستور يدعو إلى هذه المشاريع والخطابات الملكية تؤكد ذلك والتوافق حاصل بين التنفيذي والتشريعي والمدني إذن كفانا انتظارا والأمر واضح. لقد عمرت التنمية في أقاليمنا الجنوبية عقودا من الزمن. والانتخابات كذلك. وآن الأوان لجعل حد لهذا المشكل تشجيعا للاستثمارات الخارجية التي ستساهم في تشغيل بناتنا وأبنائنا وتعمر الأرض الزاخرة بالخيرات. إننا اليوم مطالبون بإحداث التكاملية بين مشروع الحكم الذاتي والجهوية الموسعة وتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. إننا نملك تأشيرة الشرعية الدولية والمشروعية الوطنية والترابية. التي ستعطينا نفسا تنمويا قويا. وتنزيلا ديمقراطيا للدستور من حيث الديمقراطية المواطنة والتشاركية.وبالتالي سندخل مرحلة التعاقدات التي لاتقصي أحدا. إضافة إلى إلى الديمقراطية التمثيلية : برلمان وحكومة ناهيك عن وجود سلطة قضائية. كل هذا يتم انطلاقا من مبادئ عامة: - ديمقراطية القرب لحل الإشكالات الاجتماعية العالقة. - الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. - التنشئة السياسية والمشاركة في تدبير الشأن الترابي بمقاربة مندمجة. - مواكبة الإدارة الترابية للسياق السياسي الجديد، والانتقال من المقاربات الأمنية إلى المقربات التنموية التي برزت بعض مظاهرها.