في الصورة عباس الفاسي يسلم على المستشار الملكي محمد معتصم أحد مهندسي حكومته في الوقت الذي يتمتع فيه رؤساء حكومات البلدان الديمقراطية التي تسود فيها أنظمة ملكية بصلاحيات مطلقة في تسيير شؤون الدولة ، فإن الوزير الأول المغربي عباس الفاسي لا يبحث عن مثل هذه الصلاحيات ، ويكفيه أن الملك كلفه مؤخرا بقراءة الرسائل الملكية في المؤتمرات الوطنية والدولية بدل مستشاري جلالته ! وهو التكليف الذي جعل عباس الفاسي يطير من الفرحة ، ظاهريا على الأقل ! يلا بقينا عوالين على السي عباس باش يتقدم المغرب هنا فين بقينا حتى يهزنا الما . الماء القاطع طبعا ، أما الماء العادي شحال هادي باش هزنا ! "" أن يفتخر عباس الفاسي بقراءة الرسائل الملكية بدل مستشاري الملك يؤكد فعلا أن الرجل لا يصلح لقيادة الحكومة ، فقد أبان عن ضعف كبير عندما قبل أن تتشكل الحكومة التي كلفه الملك بقيادتها من وزراء تم اختيارهم من طرف القصر ، واليوم يأتي ليقول لنا بأنه يفتخر أن يكون براحا يتلو الرسائل الملكية ، في الوقت الذي كان عليه أن يكون براحا ينادي بتغيير فصول كثيرة من الدستور كي تكون له صلاحيات كتلك التي يتمتع بها نظراؤه في البلدان الديمقراطية . مثل رئيس الوزراء الاسباني الذي له من الصلاحيات ما يجعل الملك خوان كارلوس غير قادر على مغادرة المملكة الاسبانية إلا بعد أن يأخذ إذنا منه . ها كيافش كايكون الوزير الأول ديال بالصح أبابا عباس ، ماشي بحالك انت . ومن الآن فصاعدا يجب على الجميع أن يصدق بأن مستشاري الملك هم الذين يشكلون الحكومة الحقيقية التي تسير شؤون المغرب ، وليس حكومة عباس الفاسي ، التي ليست سوى مجرد ديكور تم وضعه على الواجهة الخارجية للملكة كي نوهم الآخرين بأننا نعيش حقا في دولة ديمقراطية ! فهؤلاء المستشارون النافذون لم يعد لديهم وقت يضيعونه في قراءة الرسائل الملكية الطويلة ، لذلك كلف الملك عباس الفاسي بهذه المهمة الجديدة ، ومن حسن حظه أن عباس لديه شخصية ضعيف جدا ، لذلك قبل مهمته هذه بصدر رحب وبدون أدنى تردد ! سمعا وطاعة يا صاحب الجلالة . وإذا كانت هيبة السياسيين تزداد كلما عمروا في العمل السياسي ، فإن عباس الفاسي يفعل العكس تماما ، ويصر بكل عزم على ضرب "هيبته" في الصميم ، هذا إن كانت لديه هيبة في الأصل . وعوض أن يرضى بتقمص مهمة البراح الذي يتلو الرسائل الملكية في المؤتمرات ، ويفند ما ترويه الصحف من وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في المظاهرات التي تعرفها مدن المملكة على شاشة التلفزيون ، فقد كان عليه ان يقدم استقالته كي يحافظ على كرامته . ولا أعرف بماذا يشعر الرجل اليوم وهو يرى بأم عينيه أعضاء اللجنة التي شكلها البرلمان للتحقيق في ما وقع في سيدي إفني قبل أيام وهم يعقدون "جلسات استماع" لفائدة المواطنين في نشرات الأخبار على شاشة التلفزيون . نفس الشاشة التي ظهر عليها عباس وهو ينفي وقوع أي أحداث في المدينة . فليس سهلا أن تكذب على ثلاين مليون شخص ، وبعد أيام قليلة فقط ترى التلفزيون الذي خرجت منه كذبتك الحقيرة يفضحك أمام الجميع . ولو كان لدى عباس الفاسي ضمير حي لقدم استقالته على الفور ، بعد هذه الأكذوبة المفضوحة ، ولكن يبدو أنه لن يستقيل أبدا ، ولوطلبوا منه أن يكذب علينا مرة أخرى لفعل بدون أدنى تردد ! خصوصا وأن الرجل لديه الآن تجربة كبيرة في الكذب ، فبعد أن كذب عل ثلاثين ألف مغربي في قضية النجاة بعد أن وعدهم بالعمل على ظهر تلك الباخرات الوهمية يوم كان وزيرا للتشغيل في حكومة عبد الرحمان اليوسفي ، ها هو اليوم يكذب مرة أخرى على ثلاثين مليون مغربي . ولكن الحقيقة التي يجب على عباس أن يعرفها جيدا هي أنه بهذه الكذبات المتوالية لا يكذب علينا نحن ، وإنما يكذب على نفسه ! وليس هناك ما هو أصعب من أن يكذب الانسان على نفسه ، حيت يلا كاتكذب على الناس غادي يعيقو بيك ، ولك يلا كاتكذب على راسك عمرك ما تعيق براسك ! وإذا كان عباس الفاسي لا يشعر بأي وخز في الضمير بسبب كل هذه الأكاذيب التي ينطق بها ، فالمسؤولون عن التلفزيون العمومي لا يستحيون ولا يخجلون من أنفسهم ، وإلا كيف سمح لهم "ضميرهم" بإرغام مقدمي نشرات الأخبار على تلاوة بيانات نارية يفندون فيها وقوع أي أحداث في سيدي إفني ، ويكذبون ما ترويه "الجزيرة" حول نفس الموضوع . واليوم نراهم يبعثون بأطقم الصحافيين والمصورين لمتابعة عمل اللجنة التي شكلها البرلمان للتحقيق في ما وقع ، فقط لأن الملك هو الذي أعطى الضوء الأخضر لهذه اللجنة البرلمانية كي تباشر عملها . لذلك فكل الأنشطة التي يعطي الملك إشارته السامية لانظلاقها لا بد من تغطيتها ، ولو أدى ذلك بأصحاب التلفزيون إلى تكذيب أنفسهم بأنفسهم أمام الرأي العام الوطني والدولي . وإذا كان الكذب هو العملة الرائجة اليوم في المملكة ، فيجدر بنا ألا نصدق منذ اليوم أي شيء . لا تصدقوا الأخبار التي تأتي بها وسائل الاعلام الرسمية ، وعلى رأسها التلفزيون ، ولا تصدقوا ما يقوله الوزير الأول ولا الناطق الرسمي باسم لحكومة . وفي المقابل يجب علينا أن نصدق بما لا يدع مجالا للشك أن عباس الفاسي ماشي وزير أول ديال بصح ، وأن المغرب لا يسير في طريق الانتقال الديمقراطي كما يريد أن يوهمنا بذلك أصحاب الحال ! ولتحيامملكة الأكاذيب . almassae.maktoobblog.com