أو عندما يصبح الاستدراك " استهدافا " و " تشهيرا " وجدتني وأنا أقرأ " رد " السيد نائب عمدة الدارالبيضاء، أنني أقوم بشكل تلقائي بعملية إحصاء لضمائر المتكلم الدالة على تضخم مبتذل في " الأنا "، يحتاج صاحبه إلى أن يخلو بنفسه ويذكرها بأيام الله الخوالي، وإلا فأنا على استعداد للقيام بهذا الواجب النبيل. لقد كانت الكلمات المتضمنة لهذا الضمير ذات جرس ممجوج يبعث على " الرد " ولذلك، لم أتأخر كما تأخر، حين أخذ لنفسه مساحة زمنية وافية لعلها تسعفه في البحث عن " رد " يحفظ له كرامته " أمام الرأي العام" بعد أن مس المقال بسمعته و " مصداقيته " ، ولا أخفي القارئ أنني فوجئت بالخطاب/ " الرد " الذي جاء مخيبا للآمال، يفتقد لأبجديات التواضع الذي تربينا عليه في محاضننا التربوية خلال أيام الله الخوالي، جاء مشحونا بنرجسية لا تطاق، وهي نتيجة طبيعية لشخصنة "الإستدراك" الذي استنكر بكل أدب ولطف " الصفقة " دون النظر إلى من كان وراءها، ودون نية التعريض بأحد، وبالمناسبة أقسم بالله العلي العظيم أنني ما علمت ولا عرفت أن صاحب " الرد " هو صاحب هذه الزلة، التي تستوجب قياما لا قعودا، بل كتبت من باب التذكير بالمعاني التي اجتمعنا عليها ولا نزال، والتي لا نقبل أن تبتذل أو يمسها سوء أو شر. لقد بدأ رده ب " أخي مولاي أحمد " لكن سرعان ما سقطت الأخوة بعد أسطر في الطريق، ليسقط بعدها بقليل " مولاي " وإن كنت لا أحرص عليها، فخشيت أن يصبح أحمد " حميدة " ولكن الله سلم. ولأنه كان يوما ما أستاذ بلاغة، فقد وظف كنايات واستعارات دفعه إليها حرصه على أن يوري عن كلام لو قاله بالمباشر لكانت الكارثة، ولكن مع ذلك ظلت قرينتها شاخصة مشرئبة تحيل على القصد، يشهد لذلك عنوان " الرد " ورأسه ووسطه وأخمص قدميه، ولأن المقام لا يسمح بالإستفاضة، فسأكتفي بالتلميح، واللبيب بالإشارة يفهم. لقد بنى السيد الرئيس وسأحرص على مناداته بهذا اللقب لأننا أمرنا بمناداة الناس بأحب الأسماء إليهم لقد بنى مقاله على " الظن " ولعله نسي أن " بعض الظن إثم " وأن " الظن أكذب الحديث ". وعضد " رده " بالكذب، وكأنني به نسي أن " المؤمن لا يكذب "، وختم بالافتراء، وسأسوق طامتين دالتين على أن السيد الرئيس خاصم، فتسلح بما لا يليق، بالرغم من أنه لم يكن هناك داع للمخاصمة، لأن الأمر لم يكن أكثر من لفت انتباه أو استدراك أو تنبيه لطيف في مسألة هي أكبر من الأشخاص والذوات، لقد كذب وافترى وحرًف، وأما التحريف فأجد له مبررا هو أن " نا " السيد الرئيس تسبقه، فقد عدت إلى مقالي ووجدت العبارة التي كتبتُ " وهم الذين طالما حاضروا في مقاومة التطبيع " دون " نا " الدالة على النرجسية والعظمة، حيث حرفها وأنا أجزم جرت على العادة، ولم يقصد إلى ذلك قصدا، ولعل القارئ يعلم جيدا الفرق بين " حاضروا " و " حاضرونا " ولعن الله " نا " هذه التي تورد المهالك. وبشكل يوازي حديث " نا " هذه قول السيد الرئيس" لأني أنا الذي علمتك لغة الهمس " ويعلم الله أنني ما كنت له يوما تلميذا، ولا جلست يوما أمامه متعلما، ولولا أن يظن بنا ظان، أننا ننشر الغسيل، لذكرته مَن جلس أمام مَن في يوم من أيام الله. ولكنني ما تعلمت أن أفجر إذا خاصمت. وأما ثالثة الأثافي، فاعتباره محمولي المفضل هو " Alcatel" و" حينما سئلت عن ذلك دافعت بكونه سهل التعبئة كهربائيا و يعبأ تلقائيا بواسطة بطارية ولا يحتاج إلى الكهرباء مع العلم أننا لسنا في العالم القروي بدون كهرباء حتى نلتمس لك العذر. فخيوط الكهرباء أقرب إليك من حبل الوريد ورغم ذلك التمسنا لك العذر" وعجبت لهذا الكذب وهذا الافتراء اللذين لم أجد لهما من تبرير، سوى أن السيد الرئيس شحذ سيفه وقال: علي وعلى أعدائي، وإذا عمت هانت، فلم لا أفتري عليهم ويصبح الجميع مطبعين. لقد كان " الرد " وأنا هنا لا أنسى أن أجعله بين مزدوجتين حتى يحيل على المفهوم الدارج الذي يستعمله المغاربة للتعبير عن حالة شعورية منفرة مقززة، لقد كان " الرد " يبعث على الشفقة، ويشهد الله أنني عندما أنهيت قراءته، قلت: ليته سكت. لقد ذهبت الصرخة أدراجها في واد كما توقعت، فلمَ بعث فيها الروح وردد صداها؟ ولكن لأمر يعلمه الله، تسبب لها السيد الرئيس أن تحي من جديد، وكتب الله لأمر التطبيع / الإبادة الحضارية كما علمنا الأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد أن نسميه، أن بستمر فيه النقاش، وأن يعيد الناس تقييم الصفقة على ضوء المبررات التي سيقت، ليحددوا من جديد مَن علم بها ومن لم يعلم أنها كانت زلة قد تسقط الزرزور من فوق السور، ولعل ما كتب من تعليقات لحد الساعة يدل على أن التيار الغالب لم يقتنع بالصفقة بدءا، ولم يقتنع ب " الرد " انتهاء، وأن الرشق بالحجارة يتوالى، وحسبنا الله ونعم الوكيل.