ما أعرفه عن الشاب خالد هو أنه إنسان يعشق المغرب حقا، ويعبد ترابه، ويحب أرضه، ويتمنى دائما لقاء جمهوره، والأحاديث التي تروج اليوم عن إقدام مجموعة من المهرجانات التي كانت تنوي استدعاء خالد لإحياء حفلات ضمن فقراتها الصيفية ، على إلغاء هذا الاستدعاء بسبب تصريحات مزعومة نسبت لخالد بخصوص مغربية الصحراء هو أمر لا معنى له على الإطلاق. "" ذلك أن خالد الذي وجد نفسه منذ حفل أقيم بإسبانيا في قلب معركة سياسية لاقبل له بها، بعد أن حمل علم البوليساريو، فوجئ هو الأول برد الفعل المغربي، ووجد نفسه مضطرا لتفسير ماوقع، وتبرير الأمر بكونه يندرج في إطار علاقة لحظية آنية تجمعه بجمهور الحفلات الذي يبلغ به الحماس في لحظة من اللحظات إرسال علم ما إلى مطربه المفضل، وانتظار ما سيفعله هذا المطرب بذلك العلم، وفي حال عدم اكتراث المطرب بالعلم المرمي إليه لايعرف أحد على وجه التحديد كيف سيكون موقف الجمهور. لذلك يحرص العديد من المغنين على الإمساك باحترام بالعلم الذي يرميه إليهم جمهورهم، أو يضعونه فوق أعناقهم أو يضعونه فوق الميكروفون في إشارة إلى احترام رأي مشاعر الجمهور أكثر منها أي شيء آخر. لذلك يبدو تحميل الرجل - وهو فنان كبير، بل هو كبير فناني الراي في زمننا هذا - وزر كل هذا النقاش السياسي، أمرا أكبر منه بكثير، ويسيء إليه أولا، ثم يسيء لصورة المغرب التي تبدو صورة بلد غير قادر على احتضان فنانين لوجه فنهم، بل فقط لأن لديهم موقفا مساندا لنا في كل شيء، مما لاتقدم عليه إلا الدول التي لاتتقبل الاختلاف نهائيا أي الدول الديكتاتورية والمغرب طبعا ليس منها. كما أن هذه اللعبة السمجة التي دخلها السياسيون في البلدين معا أي في الجزائر والمغرب مع الفنانين والتي وضعت هؤلاء الأخيرين المساكين موضع الرهائن بين صحافة بوتفليقة التي أصبحت تفرض على أي جزائري يصعد إلى الخشبة أن يعبر عن كرهه للمغرب وأن يحمل علم البوليساريو، والتي أصبحت تفرض في الجهة الأخرى على أي جزائري أتى إلى المغرب أن يحمل العلم المغربي، وأن يعبر عن تأييده - حتى وإن كان غير مقتنع بذلك - لمغربية الصحراء هي لعبة غبية بامتياز، والشيء الوحيد الذي ستنجح فيه هو وأد تلك العلاقات الإنسانية الجميلة التي استطاع الفنانون الجزائريون ربطها مع الجمهور المغربي، واستطاع الفنانون المغاربة ربطها مع الجمهور الجزائري. إن مشهد الزهوانية أو رضا الطالياني أو مامي أو خالد أو غيرهم من المغنين الجزائريين المحبوبين في المغرب، ورؤية لطيفة رأفت أو عبد الوهاب الدكالي أو عبد الهادي بلخياط، أو غيرهم من الفنانين المعشوقين في الجزائر هو أجمل رد يمكن أن يحمله الفن على غباء السياسيين في البلدين معا، وعلى النزاع المقيت الذي يعكر صفو العلاقات بين وطنين هما في نهاية المطاف وطن واحد، مهما بلغت الاختلافات بينهما المبالغ الكبرى. لذلك يبدو اليوم كل مايقع وكأنه يستهدف فقط وأد هذه الروح التي ينجح الفن في إبقائها حية بين الشعبين، لكأن جهة ما تريد نقل كرهها السياسي لنظرائها في البلد الآخر إلى الشعب، لكي يخلط بين ما لا يخلط، ويضع السياسيين في سلة واحدة مع فنانين يحبهم لوجه فنهم لالوجه مواقفهم السياسية التي لا علاقة لها إطلاقا بالموضوع. إن خالد وهو يدندن "بختى"، أو وهو يبكي مدينته الأصلية في رائعته "وهران"، أو وهو يصيح بلسان كل الحالمين و ثمالتهم "داتني السكرة"، إلى آخر الريبرتوار الكبير والجميل والمتميز الذي قدمه ملك الراي على امتداد سنوات إبداعه الكثيرة، هو ملك لكل محبيه، سواء كانوا في الجزائر أو في المغرب أو في دول لا تتحدث العربية إطلاقا لكنها تعشق ضحكة الرجل وصوته البوهيمي وألحانه الموغلة في الانتماء إلى الناس. لذلك لابأس من قولها لمن يريدون الزيادة في العلم قليلا، وإظهار غيرتهم المصطنعة على البلد وحذف إسم خالد من مهرجاناتهم وحرمان الجمهور المغربي من اللقاء معه: دعوا عنكم الرجل وفنه، واتركوا له ولغيره من الفنانين أن يصلوا مالم يستطع الغباء السياسي إلا أن يقطعه. اتركوا الفن يقوم بدوره في التقريب بين الناس حقا، ودعوا للسياسة أن تواصل تشتيتها للشعبين. رجاء، دعوا عنكم من نحبهم، والتفتوا جهة أولئك الذي نكرههم ونكره غباءهم وصفوا معهم ماتريدون من حسابات.. اتركوا لنا الفن على الأقل، وعربدوا في كل الميادين والجهات الأخرى.... ملحوظة لا علاقة لها بما سبق تعرض خالد الجندي الداعية الإسلاموي المعروف لاعتداء بالضرب المبرح وهو يغادر مقر التلفزيون المصري بعد استضافته من طرف محمود سعد. الطريف في الاعتداء أن الجاني كان امرأة تسمى تغريد قيل والله أعلم إن الشيخ غرر بها وتركها لحال سبيلها بعد قضاء الوطر، ماجعلها تعترض طريقه وتشبعه ضربا وتذهب لحال سبيلها. انتقام نسائي من واحد من رموز شيوخ الفضائيات الجدد. *نُشر بجريدة الأحداث المغربية