في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة، الشعب مرتاح البال لأن التخلف ما زال سيد الموقف. المرأة الضاحكة، و هي شخصية خيالية، نالت البراءة بعد أن جمّد ائتلاف قيل أنه حقوقي لحماية المال العام نشاطه لعدم توصله بما يفيد أن المرأة الضاحكة المستهزئة بالشعب الفقير المريض اقتنت شقتين ما وراء البحار لما أبرمت عقدا له علاقة بالخنازير و ما يترتب عنهم من شر مبين. فانتفض البعض القليل و صاح: "يا للخسارة و لا من معين، فهل تم إرضاء الحقوقيين و المناضلين...؟ " وارتاح الشعب. "تجميد النشاط و عدم حماية المال العام نظرا و حيث أنه إلى آخره..." يا سلام على اللغة الحقوقية الخشبية، و لتنعم المرأة الضاحكة و المستهزئة بالشعب الفقير المريض، في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة، بشققها ما وراء البحار، و لتهرّب المال خارج البلد، و لتستمر في المساهمة الفعالة في استباحة ثروة الشعب الفقير المريض دون تجميد نشاطها هذا كما جمّد ذلك الائتلاف الحقوقي المسكين نشاطه بعد أن تم إرضاؤه حسب البعض الناطق القليل... و هنيئا للشعب بنجاة المرأة الضاحكة، و هي شخصية خيالية، من قبضة العدالة الصارمة، و هي عدالة صارمة خيالية، لأنها قيادية تمثل الشعب الخيالي أحسن تمثيل، كما أن قضيتها تجسد "الحلم البلدي" الذي يجعل كل مرتش صغير كله آمال في أن يكون يوما ما من كبار المرتشين و مهربي المال لاقتناء الشقق ما وراء البحار... و يا سلام على الأحلام. الظلام دامس في البرج 1979... سيداتي، سادتي، جاء وقت الحساب لأننا نتجه حقيقة نحو الأفضل. محاربة الفساد. المكلفون بهذه المهمة يشتكون من العراقيل الخيالية التي "وقفت في وجه القيام بمهامهم". كانت هيئتهم متخصصة في الوقاية من الفساد و كانوا يشتكون من هذا الأمر، فقام الحكام و جعلوها هيئة لمحاربة الفساد و ليس للوقاية منه فقط. ثم اشتكى المكلفون بمحاربة الفساد من ضعف الوسائل و ضعف الميزانية، فقام الحكام و ضاعفوا لهم الميزانية و الوسائل. و لكن لا فساد حورب و لا رشوة اختفت. و ها هم اليوم يطالبون بالصفة الضبطية لموظفيهم...ما هذه السذاجة الخيالية المتعمّدة ؟ إذا كان موظفو هيئة تحارب الرشوة ضباط شرطة فهذا يعني أنهم تحت إمرة النيابة العامة... فأين هي الاستقلالية إذا التي يتغنّون بها صباح مساء و يجعلونها شرطا لا تفاوض حوله... ؟ الظاهر إذا أن المكلفين بمحاربة الرشوة، و هم شخصيات خيالية، لا نظرية و لا نظرة لهم، و لا رؤيا و لا إستراتيجية لديهم. فهل الفشل حليفهم الأبدي أم الانتهازية هدفهم الأسمى؟ إنهم يرفعون سقف مطالبهم كلما ازداد فشلهم و يجعلون نجاح مهمتهم رهين بتلبية مطالبهم. أما اليوم فلهم كل ما أرادوه من دعم و مال و وسائل و لكنهم لا يعملون، و لا يستقيلون... أيها الناس، في يوم من الأيام سيرفع أفراد الهيئة الخيالية لمحاربة الرشوة الفاشلون سقف مطالبهم لتبرير فشلهم إلى حد المطالبة بتكوين حكومة و ترؤسها دون انتخابات حتى يتمكنوا من تخليص البلد من آفة الرشوة. يا سلام على الاهتمام. أيها الناس، محاربة الرشوة لا يمكن أن تتم عبر هيئة أو لجنة تعمل من خارج الإدارة، لا، بل محاربة الرشوة لا يمكنها أن تتم إلا من داخل الإدارة، و ذلك بالتمكين للموظفين المشهود لهم بمحاربة الرشوة و ليس بتهميشهم أو معاقبتهم أو متابعتهم قضائيا... هذا ليس سرّا، و القوم المكلف بمحاربة الرشوة في إطار هيئة من الهيئات يعلم ذلك علم اليقين، فلما المثابرة في لعبة خطيرة تقتل الضمير؟ يجب أن تكون إرادة محاربة الرشوة متوفرة أولا و قبل كل شيء. الرشوة تحارب من داخل الإدارة و ليس من خارجها بتأسيس لجنة تستغرق 40 سنة لبلورة تنظيمها الداخلي، 40 سنة ثم تبرر فشلها بعراقيل قانونية و بالمطالب التي لم تتحقق من وسائل و ميزانيات للقيام بالمزيد من الحفلات و السفريات و لاستدعاء المزيد من "الخبراء"، للاستفادة من "التجارب الدولية"، و لتنظيم لقاءات مع "الفعّاليات العالمية" يقدم فيها الأكل الكثير "لمحاربي الرشوة"، و "مناضلي النزاهة"، على حساب الشعب الذي يريد "إسقاط الفساد". و الدليل على سبيل المثال الخرفان المشوية بالعشرات أو المئات -حسب شهود عيان...- التي تقدم للمجتمعين من أجل إصلاح منظومة القضاء نظريا...، في الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة. لا يا سادة، من جاء ليأكل الخرفان المشوية من مال الشعب لا يهتم بإصلاح منظومة القضاء. لا يا سادة، ما هكذا تحارب الرشوة، بل تحارب بإعطاء القدوة الحسنة لسائر الموظفين في الإدارة و ذلك برد الاعتبار للموظفين النزهاء فعلا و حقيقة الذين فضحوا الرشوة و حاربوها قبل أن يتم الثأر منهم بشتى الوسائل. حان الوقت لرد الاعتبار إليهم و تمكينهم من مزاولة مهنهم بكل طمأنينة، و الاحتفاء بهم في الإدارة حتى يكونوا قدوة حسنة و خطر محدق بكل الموظفين المرتشين إن وجدوا، بما أن محاربة الرشوة و فضحها مهمة النزهاء بامتياز من داخل الإدارة. كفانا إذا من البهرجة و اللجان التي لا نهاية لها و لنشرع في العمل بكل شجاعة. لنعلن يوم غد أو بعد غد يوم نهاية الرشوة، و لنطلق سراح الموظفين النزهاء في الإدارة -بعد رد الاعتبار لهم- للتصدي للمرتشين، الكل من موقعه، -و لو بأثر غير رجعي في بعض الحالات المعينة و المتفق عليها ربما-... سيداتي، سادتي، فلنقلها بصراحة: لحد الآن لم يقم البلد بأية مبادرة ضد الرشوة. أما اللجان و الهيئات إلى آخره، فهي لا تصلح بتاتا لأي شيء يذكر ما عدا هدر الميزانيات الإضافية في منح و امتيازات "لمحاربي الرشوة" الذين يتم على كل حال شل حركتهم بقوانين لا تسمح لهم بالتحرك الفعال ضد الرشوة. خلاصة: علمتنا الحياة أن الهيئات و اللجان لا تصلح سوى لإقبار القضايا التي لا نريد حلّها. إذا، فإذا كانت لدينا إرادة حقيقية لمحاربة الرشوة فلنبدأ بحل اللجان و الهيئات الفاشلة التي لا تزيد الرشوة إلا انتشارا لأنها تجعل المرتشين يزدادون ثقة في النفس...، و لنقم بما يجب علينا القيام به أولا و قبل كل شيء ألا و هو تشجيع النزاهة في الإدارة و ذلك برد الاعتبار لأعداء الرشوة حقا و حقيقة. سيداتي، سادتي، لا هيئات و لا لجان لمحاربة الرشوة بعد اليوم. كل رئيس مسؤول عن حسن سير المصالح التابعة له التي يجب أن تكون خالية من الرشوة و هذه مهمته الأساسية. و أن تكون المصالح خالية من الرشوة أمر سهل جدا، بحيث يكفي أن يكون الرئيس المسؤول دائم الحضور، و كفء، وغير متسامح مع المرتشين، و كلامه مسموع داخل الإدارة التي يتولى تسييرها و تدبير شؤونها. و بطبيعة الحال، إذا كانت الإرادة السياسية لمحاربة الرشوة متوفرة فعلا، فلا يمكن أن يتم تعيين رئيس مشهود له بالارتشاء على رأس إدارة ما، كما لا يمكن تهميش أو إيقاف أو معاقبة رئيس مشهود له بالنزاهة و الكفاءة و محاربة الرشوة. و إذا لم يكن ذلك ممكنا في الوقت الراهن، فليصمت الجميع و ليكف الجميع عن الحديث عن قضية الرشوة و نهب المال العام، إلى أجل مسمى أو غير مسمى. أن تتوفر النية الصادقة لمحاربة الرشوة لا يعني أن الفشل غير وارد بتاتا و ذلك بحكم تركيبة الشعب الخيالي و ميولاته و عاداته...، و لكن أن يتغنى الكل بمحاربة الرشوة مع حرمان الذين لديهم الإرادة و المؤهلات لمحاربتها من مزاولة مهنهم، مثلا، فهذا العبث بعينه إن لم يكن ضحك على الذقون. فلو تم بكل وقاحة إعلان "اعتماد الرشوة كوسيلة أساسية من وسائل التنمية" لكان أهون...سيداتي، سادتي، الرشوة مصيبتنا. أيها الناس، كل ما تقرؤون خيال في خيال. فلا وجود للمرأة الضاحكة و لا لمحاربي الرشوة و لا لهيئة ضد الرشوة و لا لشعب كيفما كان حاله، و بالتالي فلا لوم و لا عتاب لراوي الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة في جزئها الثاني، في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة. سيداتي، سادتي، نحن متخلفون لأن المعلم في السلك الابتدائي لا يتقاضى نفس الأجرة التي يتقاضاها الأستاذ الجامعي. و معلوم أن هذا الأخير، في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة، لا يصلح لشيء... كما أننا متخلفون لأن في الإعلام المرئي نتحدث على مشاكل رجال التعليم و لا نتكلم أبدا على مشاكل رجال السلطة مع أن دستورا جديدا أقر بعدم القدسية... هذا سر من أسرار التخلف، أن يظل رجال السلطة مقدسون لا يمكن التطرق لمشاكلهم و لما يفعلون. و لكن، ملحوظة: التطرق لمشكل رجال السلطة لا يمكن أن يتم دون الاستماع لمن تم قهره لأنه رفض الرشوة أو لأنه فضح الفساد...طيب. فما هو الحل؟ الحل واضح. يتبع إن شاء الله...