أكد الوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة٬ عبد العظيم الكروج٬الأربعاء بالرباط٬ أن "للحكومة طموحات كبيرة الآن للحد من آفة الرشوة بصفة فعالة". واعتبر الوزير٬ في كلمة خلال افتتاح يوم دراسي حول موضوع "الإطار القانوني المحدث للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها" نظمته جمعية برلمانيون مغاربة ضد الفساد٬ بشراكة مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي٬ أن الحكومة وموازاة مع وضع إطار مؤسساتي جديد لهذه الهيئة٬ عازمة على اعتماد استراتيجية واضحة المعالم بمشاركة الجميع٬ وذلك من أجل الخروج بمنهجية فعالة لمحاربة الرشوة٬ في أفق بناء تحالف موضوعي لمحاربتها. وأبرز الكروج أن عرض هذا الإطار القانوني للنقاش العمومي يهدف إلى وضع إطار مؤسساتي ملائم وكفيل بتعزيز المنظومة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة٬ مشيرا إلى أن ذلك لن يتأتى إلا من خلال٬ على الخصوص٬ الارتقاء بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى هيئة وطنية مستقلة ومتخصصة تتمتع بكامل الأهلية القانونية والاستقلال المالي تطبيقا لأحكام الدستور٬ وتوضيح وتوسيع اختصاصاتها وصلاحيتها٬ وبتعزيز دورها في إشاعة ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد. وسجل أن المرحلة الراهنة تقتضي معالجة إشكالية الرشوة وفق مقاربة تشاركية بوضع استراتيجية وطنية٬ تعتمد "تكريس الالتقائية على مستوى البرامج أفقيا وقطاعيا"٬ و"الشراكة الإستراتيجية بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص ومختلف فعالية المجتمع المدني"٬ علاوة على "إدماج مختلف وسائل الإعلام والاتصال". من جانبه٬ توقف رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة٬ عبد السلام أبو درار٬ عند أهم المحددات التي أطرت مقتضيات مشروع قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها٬ الذي أعدته الهيئة٬ موضحا أن المحدد الأول يتمثل في "المقومات الدستورية للهيئة الوطنية للنزاهة التي حسمت في مبدإ الاستقلالية ومجال التدخل والصلاحيات والمرجعية القانونية"٬ ويتمثل الثاني في "قرار المجلس الدستوري الصادر بتاريخ 4 فبراير 2012 الذي حسم في البعد القانوني لمبدإ الاستقلالية وامتداداته على مستوى العلاقات مع الهيئات الدستورية الأخرى". ويهم المحدد الثالث٬ حسب أبو درار٬ "قرار المجلس الدستوري الصادر بتاريخ 3 يونيو 2012 الذي حسم ضمنيا في الجهة المؤهلة للتعيين بالهيئة٬ بعد أن استثنى جميع المناصب العليا التي تكتسي "صبغة دينية أو قضائية أو تهم المؤسسات المستقلة دستوريا" من خانة المناصب التي يعين فيها رئيس الحكومة"٬ في ما يتعلق المحدد الرابع بíœ "توجيهات بيان الديوان الملكي بتاريخ فاتح أبريل 2011 التي أقرت للهيئة المرتقبة بمسألتين أساسيتين٬ هما توسيع مجال تدخلها ليشمل مختلف أشكال الفساد٬ وتخويلها صلاحية التصدي المباشر لهذه الأفعال". ويختص المحدد الخامس والأخير ب"الدروس المستخلصة من تقييم تجربة الهيئة المركزية التي حتمت استثمار نقاط القوة في المرسوم الحالي٬ مقابل ضبط وتصحيح بعض مواطن القصور التي شابت هذا المرسوم أو أبانت عنها الممارسة". كما تطرق أبو درار أيضا إلى عدد من الإشكالات التي واجهتها الهيئة في تفاعلها مع المحددات المذكورة٬ ومن بينها كيفية تصريف مفهوم الاستقلالية٬ وتحديد نطاق تدخل الهيئة الوطنية والمهام المنتظرة منها على ضوء الإشارات العامة المضمنة بمقتضيات الفصلين 36 و167 من الدستور٬ وكذا الضمانات القانونية التي تخول للهيئة الوطنية الانتقال باقتراحاتها وتقييمها واستشارتها وتحرياتها من مستوى الطرح والاقتراح إلى مستوى الفاعلية والتطبيق. من جهته٬ أكد عبد العزيز عماري٬ رئيس جمعية برلمانيون مغاربة ضد الفساد٬ في مستهل هذا اللقاء٬ أن هذا الأخير يتوخى فتح حوار وتشاور قبلي حول مسودة قانون الهيئة الوطنية للنزاهة٬ وإشراك البرلمانيين ومكونات المجتمع المدني فيهما٬ ومناقشة النقاط المتعلقة بمدى استجابة المسودة للإطار الدستوري (المرجعي)٬ ومقتضيات اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد٬ والمحددات الرئيسة لعلاقة الهيئة بباقي السلط٬ وكذا الآليات الكفيلة بضمان استقلاليتها٬ وغيرها من النقاط ذات الصلة. من جانبه٬ أشاد المنسق المقيم للأمم المتحدة بالمغرب٬ برونو بوزات٬ بالمقتضيات التي يتضمنها الدستور الجديد للمملكة في مجال محاربة الفساد ومكافحة الرشوة٬ مشيرا إلى دور القضاء لاسيما النزيه والمستقل٬ في إعطاء بعد ملموس لعمل الهيئة. وأكد الأمين الأول لمكتب مجلس النواب٬ وديع بن عبد الله٬ نيابة عن رئيس المجلس٬ على أن ممثلي الأمة٬ وطبقا للاختصاصات التي يسندها إليهم الدستور٬ يسعون إلى القيام بمبادرات تشريعية تجعل من الوقاية من الرشوة ومحاربتها أحد مواضيعها الرئيسية وأهدافها الأساسية٬ مشيرا إلى دور البرلمان في هذا الشأن من خلال الرقابة على الحكومة في نطاق الآليات الدستورية٬ ومناقشة وتقييم السياسات العمومية٬ ومناقشة تقارير الهيآت والمؤسسات المستقلة أمام البرلمان. من جانبه٬ استعرض مولاي الحسن العلوي٬ المستشار الأول لرئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة٬ في عرض قدمه خلال هذا اللقاء٬ التوجهات العامة لمسودة مشروع القانون المحدث للهيئة الوطنية للنزاهة٬ ومن بينها اعتماد مفهوم عام لأفعال الفساد المشمولة بتدخل الهيئة الوطنية٬ والتأسيس لمهام المكافحة والتصدي لأفعال الفساد٬ والاستفادة من الاختصاصات المماثلة المخولة لهيئات وطنية أخرى. أما رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارنسي المغرب)٬ رشيد الفيلالي المكناسي٬ فقدم بعض ملاحظات الجمعية التي يرأسها بخصوص عدد من بنود مشروع قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها٬ تهم قضايا الاستقلالية وسلطات الهيئة في التحري والتدقيق والاستطلاع في إطار الولوج إلى المعلومات ودور الهيئة في تتبع تنفيذ سياسات مكافحة الفساد من بين أخرى.