يخلّد المغرب في 4 فبراير من كل عام اليوم الوطني للمساجد، وهي مناسبة للوقوف على وضعية مساجد المملكة، ورصد الاختلالات والمشاكل التي يعرفها تدبير وتسيير هذا المرفق الحيوي. جرت العادة أن تعلن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن تنظيم أنشطة بالمناسبة في ما يتعلق بصيانة المساجد وتجهيزها، وإحياء حفل لتقديم حصيلة الوزارة الوصية في مجال العناية ببيوت الله خلال السنة الماضية. لا ريب أن الوزارة الوصية ستقوم خلال هذا الحفل ودونه من الأنشطة المنظمة، بالتهليل والترويج ل "الإنجازات" التي حققتها في مجال تدبير مساجد المملكة، دون أن تعرض للمشاكل التي تعاني منها.. ولذلك سأعرض في هذه المقالة أهم هذه المشاكل التي تشكو منها منذ سنوات، ولم تجد بعد طريقها إلى الحلّ. هناك مشاكل عديدة تعاني منها بيوت الله، أهمها: 1- مشكلة النظافة: إذا كان المسجد هو أقدس وأعظم مكان على وجه الأرض، فإنه يفترض أن يكون أطهر مكان عليها، لكن ما تعيشه مساجدنا من إهمال في مجال النظافة، ليعد وصمة عار على جبين الوزارة الوصية، لأنه انتهاك لحرمة المسجد وقدسيته عند المسلمين.. في معظم المساجد التي ألجها تثيرني حالة أرضيتها المتسخة، حيث أصبحت معي منديلا أضعه في مكان السجود لتفادي الغبار المتراكم على الزرابي.. وهناك مساجد على رؤوس الأصابع التي تمتاز بنظافتها، بفضل مجهودات بعض المتطوعين، كمؤذّن المسجد أو أحد المصلين.. هذه الوضعية لا يمكن أن نجد لها تفسيرا إلا تقصير الوزارة في العناية ببيوت الله، ونتساءل لماذا لا تخصص الوزارة عمال أو عاملات نظافة للقيام بمهمة تطهير مساجد المملكة من الأوساخ.. حتى يُتاح للمصلين ممارسة شعائرهم في أحسن الظروف؟ أليس من واجب الوزارة التي تدبّر أوقاف المسلمين أن تخصص ميزانية خاصة لتنظيف بيوت الله؟ 2- مشكلة الأمن: أصبحت بيوت الله تعاني في عهد السيد محمد التوفيق من ضعف الأمن، حيث تتعرض مساجد المملكة يوميا للسرقات المنظمة والسطو على محتوياتها، التي يساهم بها بعض المحسنين.. إضافة إلى السرقة التي تستهدف أحذية المصلين.. وهذا راجع بالأساس إلى عدم تأمين المساجد بالحراسة، مما جعلها هدفا سهلا للمجرمين وأصحاب السوابق الذين لا يعرفون للمساجد حُرمة.. وكان لهذه الاعتداءات المتكررة على بيوت الله آثار سلبية على المصلين، حيث خلقت حالة من الذعر والخوف والتدمر لدى الناس، في مقام يُفترض فيه أن يكون أكثر مكان أمانا وسكينة.. قبل أيام قليلة أديت الصلاة بالمسجد الأعظم بسلا، الذي يعتبر أعرق وأكبر مسجد بالمدينة، وعندما اتجهت للمكان المخصص للوضوء، أثار انتباهي عدم وجود حَنفيّات الماء(الرُّوبِنيّات) بالمراحيض..؟؟!! والْتفتُّ إلى حنفيات الوضوء، فإذا بها مسيّجة بعازل حديدي.. فعرفت أن المسجد يتعرض لسرقات منظمة.. وهناك أمثلة لا حصر لها من السرقات اليومية التي تقع في وضح النهار، وتطال محتويات المساجد من الزرابي والثريات ومكبرات الصوت وحتى المصاحف... وإذا كان هذا حال مساجد الرباط وسلا، فكيف ستكون وضعية مساجد المدن الأخرى؟ هذا الواقع الخطير والمؤلم الذي تتحمل فيه الوزارة الوصية المسؤولية كاملة، وهو ما يتطلب منها التحرك العاجل لإنقاذ بيوت الله من الانتهاكات المستمرة للمجرمين، بتخصيص حراسة دائمة للمساجد، حفاظا على حُرمتها وسكينتها وأمنها.. هناك مشاكل أخرى أقل أهمية، وإن كانت ضرورية.. وتتعلق بصيانة وتجهيز المساجد، حيث تعرف بعض المساجد نقصا في التجهيزات (مكبرات الصوت، الإنارة، الزرابي..)، وبعض المساجد تحتاج إلى إصلاح وترميم.. وهناك مساجد لا تتوفر على إمام راتب، أو أنه غائب، مما يضطر المصلين إلى البحث عمن يؤمهم في الصلاة..؟؟!! والشهادة لله، لولا أرْيحية المحسنين جزاهم الله خيرا، لظلت كثير من مساجدنا تعاني من أوضاع مزرية.. نظافة بيوت الله وأمنها أولوية قصوى.. وتحتاج إلى تدخّل عاجل من وزارة الأوقاف.. لأن ذلك أمانة على عاتقها أمام الله وأمام المسلمين الذين أودعوا أموالهم لديها، لخدمة بيوت الله والعناية بها، وأي تفريط أو تقصير في أداء هذا الواجب يعد خيانة للأمانة.. وإذا استطاع الوزير المكلف بها، أن يحلّ المشاكل التي طرحتها خلال هذه السنة، سأنضم إلى جمهور المصفقين والمهللين بإنجازات الوزارة في السنة المقبلة...