" تحت سن القلم يُصنع مستقبل الأمم " حكمة شد انتباهي صورة مجموعة من الأطفال شاهدوا كتبا على حافة الطريق، فما كان منهم إلاّ أن اندهشوا و بدأوا يتعاملون معها وكأنها كائنات غريبة، يقلّبونها عن بعد باستعمال عصي، يفتحونها ويهرولون ... جيل التكنولوجيا، بعدها طرحت تساؤلات عديدة منها : هل يمكن لشباب العهد الجديد أن يستغني عن الكتاب؟ و ما هي الأعذار التي نختلقها لنبتعد عن القراءة ؟ وما الذي يستهويك أنت في القراءة - قارئ هذه الأسطر- ؟ ... بدون مُقدمات،... الواقع أن كثيرا من القراء لا يرون للقراءة هدفا سوى تمضية وقت ميت، أو دفع سآمة عارضة، أو جلب نوم قد غاب. كما أنه من الملحوظ أن القراءة الخفيفة العابرة أخذت تزاحم القراءة الجدية المثمرة، كما أخد السمع ينافس العين عبر الكلمات المذاعة، ثم تعاونت العين مع الأذن لصرف الإنسان على القراءة وجذبه إلى الشاشة الكبيرة منها والصغيرة. ولنا أن نتساءل: هل الصحافة، والإذاعة والتلفزيون، وغيره من الوسائل، بديل للكتاب أم حافز على قراءته ؟ "ولو رُحنا نقارن بين القراءة وبين هذه الوسائل لألفينا أن القراءة تتمتع بسبع مزايا تجعلها تتفوق بها، وهي : حرية الاختيار، حرية الوقت والمكان، الرخص واليسر، البقاء ودوام الاقتناء، سهولة المراجعة، سلامة اللغة، سهولة التثبيت في الذاكرة"(1) القراءة ليست هواية، فطرتك تدعوك للقراءة، لا للهروب منها، وإهمالك للقراءة مناقض للفطرة ربما ينجم عن الانغماس في مشاغل الحياة، أو هي أمور أخرى أقل جدوى، أو متع رخيص، فإذا عدت إلى فطرتك في القراءة، وجدت فيها من المتعة والفائدة ما لا يتوفر لك في أمور أخرى ... انتظر جواب منك ... ما الذي يستهويك في قراءتك ؟ هل البساطة والسهولة ؟ وهل أنت من هواة القصص الرومانسية التي لا ترقى موضوعاتها فوق دغدغة العواطف ؟ أم من هواة كتب "كيف تصبح... في خمسة أيام " ؟ ... للأسف، هذا الأمر حدا ببعض الناشرين سامحهم الله إلى استغلال هذه الظاهرة لتقديم كتب هابطة، ومعلومات مبتذلة عن غرائب العالم، وعجائب الدنيا، وعن الألغاز والسحر والشعوذة والجريمة. ومن المؤسف أن نشر مثل هذه الكتب يشكل استثمارا ناجحا، بينما الأعمال الجادة والكتابات المؤصلة، لا تلقى ما تستحقه من الاهتمام، ونشرها يعتبر مشروعا فاشلا، يؤذي إلى خسارة أكيدة. إن القراءة هي غداء الفكر، ومثل القارئ الذي يفضل الكتب السهلة، والقراءة الخفيفة كمن يختار لغدائه المقبلات والمأكولات الخفيفة التي لا تقيم له أودا، ولا تنبي جسدا. نداء، ... بادر إلى أي كتاب يستهويك، واعقد العزم على تخصيص وقت معين لقراءته، ينسجم مع ظروف عملك أو دراستك، فلسوف تجد في نفسك من المتعة ما يدفعك إلى الاستزادة وما يجعلك تندم على الوقت الذي ضيعته دون قراءة، وتشفق على الآخرين الذين لا يمارسون فعلك ... (1)محمد عدنان سالم القراءة أولا ص 53. [email protected]